بطولات مقاتلي فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في حرب لبنان

البطولات الرائعة التي حصلت في لبنان حسب ما اعترف بها الإسرائيليون الصهاينة أنفسهم

 
منقول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الإخوة ألأحبة نستأنف حديثنا عن البطولات الرائعة التي حصلت في لبنان حسب ما اعترف بها الإسرائيليون أنفسهم. وحسب تقسيمنا السابق للفصول فقد وصلنا بفضل الله إلى الحديث عن معارك الشقيف. الجنرال شاؤول نكديمون: هذه الحرب كالمصيدة وقد وقعنا فيها كفئران صغيرة. في قلعة الشقيف فقد الفلسطينيون 30 مقاتلاً لكننا فقدنا خمسة أضعاف هذا العدد. معركة الشقيف أذهلت بيغن وشارون. فقدنا في معارك الشقيف خيرة ضباطنا وجنودنا.
 
 لقد أصبت بالعديد من الشظايا التي اخترقت جسدي بعد أن أصيبت دبابتي في النبطية ... وقد اضطر الأطباء هنا إلى بتر ساقي اليسرى لإنقاذ حياتي ... وقد تأثر بصري كثيراً يا له من ثمن باهظ. في أعقاب المناورات والتدريبات العسكرية المكثفة التي جرت في مكان ما من إسرائيل استعداداً لغزو لبنان، وخلال المشاورات التي أجريتها مع زملاء لي ومع جهات عسكرية عليا .. فقد ساد الانطباع أو لنقل بأنه كان هناك إجماع على أن هذه الحرب التي سوف نشعلها في الشمال قد تستغرق حتى 72 ساعة فقط هذا إذا ضمنوا لنا عدم تدخل السوريين في هذه الحرب. حينما كنا في طريقنا لغزو لبنان كنا على ثقة أو ربما قناعة تامة بأن دباباتنا سوف تتابع سيرها حتى بيروت دون أن تضطر للتوقف لأننا اعتقدنا بالواقع أنها سوف تسير فوق أنقاض. قلعة الشقيف مثلاً ... 13 طائرة إسرائيلية قامت بقصف مكثف لهذه القلعة وكنا نعتقد بأن أطنان القنابل التي ألقيت عليها لم تدمرها فقط وإنما مسحتها عن وجه الأرض. ولكن حينما اقتربنا من هذه القلعة وكانت أول موقع فلسطيني حصين نواجهه في الجنوب اللبناني اتضح لنا أنها ما تزال على حالها وأن أحداً من المقاتلين الفلسطينيين فيها لم يصب بأذى نتيجة لكل ذلك القصف الجوي الطويل. ولقد كنت أول من قال: ربما كانت طائراتنا تلقي بحمولاتها بعيداً عن القلعة.
 
 إن لي بين الضباط الذين سقطوا في معارك قلعة الشقيف العديد من الأصدقاء الحقيقين الذين كنت أعتز بهم .. العقيد الركن افنير شماعيا والمقدم جوني هدنيك والمقدم بتسائيل مزراحي والرائد يفتاح بن حاسو وآخرين. لقد دخلنا الحرب بـ 28 ألف جندي من القوات النظامية معظمهم من قوات غولاني والمظليين لكن العدد ارتفع خلال اليومين الأولين لهذه الحرب إلى 83 ألف جندي. كما وأنني أشك في أنه قد بقي لدينا سلاح متطور واحد لم نستخدمه في هذه الحرب إلا إذا كان الحديث عن سلاح نووي. لقد أشارت التقارير والمعلومات التي قدمها الجنوال يهو شواع سيفي رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية واستعرضناها جميعاً إلى: أنهم " أي الفلسطينيين " مجرد قوة صغيرة غير مدربة جيداً غير منظمة ضعيفة وبأن أسلحتهم الثقيلة محدودة وغير متطورة وبأن الخلافات الداخلية الستمرة بينهم والتي تؤدي غالباً إلى سقوط قتل وجرحى تزيد من ضعفهم وتصدعهم... واستناداً إلى تلك التقارير وضعت خطط الحرب. منذ الساعات الأولى لاندلاع الحرب تجمعت لدي قناعة مفادها أن جميع تقارير الجنرال سيفي وحتى تلك التي دعمت بالصور التي التقطت بواسطة طائرات الاستطلاع لم تكن دقيقة أبداً. حرب ذات أهداف قذرة: يقول عن هذه الحرب: لم أكن موافقاً عليها أنا لم أكن مستعداً لخوض حرب ذات أهداف قذرة كهذه ولقد أبلغت رأيي وقراري للجنرال ايتان وأمير دروري. على كل حال لقد جاءت مشاركتي في الحرب لأسباب اجتماعية خاصة. إذ أنني لم أكن أرغب في أن يشير إلي أحدهم ويقول: انظروا إليه ها هو الخائن أو الجبان. وهذه التهم يرددونها عندنا ضد كل من يحاول أن يرفض أمراً عسكرياً. أنت تعلم ما يقولونه اليوم عن العقيد ايلي جفيع الذي انسحب من صفوف الجيش لرفضه الدخول إلى بيروت .. إني أعتبر العقيد ايلي جفيع البطل الوحيد في حرب لبنان.
 
في طريقي إلى لبنان كان شعوري لا يزال طبيعياً وعادياً لقد سبق لنا أن قمنا بعمليات عسكرية في لبنان عام 78 ولم نواجه آنذاك مقاومة جدية من الفلسطينيين هناك. فماذا طرأ الآن؟ هل أصبح الفلسطينيون قوة يصعب قهرها وإخضاعها؟ لقد كنت متشوقاً لأعرف بالضبط ما يجري داخل لبنان رغم أنني كنت متشائماً صباح يوم الاثنين 7 / 6 دخلت مع قواتي إلى المناطق التي كان يسيطر عليها الفلسطينيونقبل اندلاع الحرب وكانت أسراب الطائرات تحلق فوقنا وتسرع لإلقاء حمولاتها المدمرة فوق أهداف هناك في الشمال أنا لم أشهد كثافة طيران كهذه في الحروب السابقة. جاءتني أوامر جديدة بالتحرك شمالاً إلى النبطية يبدو أن الوضع هناك بالغ السوء وقيل لي بأن قواتنا سيطرت على موقع فلسطيني حصين (قلعة الشقيف) ولكن كيف هذا وهناك قوات تقاتل منذ صباح أمس الأحد 6 / 6 .
 
أذكر أننا احتللنا سيناء في أقل من يومين وكان هناك مائة ألف جندي مصري. تابعت التقدم شمالاً على رأس قواتي وكنا نمر بعشرات الدبابات والمدرعات الإسرائيلية التي أصبحت حطاماً. بعض الدبابات التي كانت قد أصيبت أعطبت ولم تنفجر وكانت هناك ثقوب كبيرة في أبراجها ولكن كانت هناك دبابات أخرى أكلتها النيران انفجرت الذخائر بداخلها فتناثرت وفي الواقع شعرت بالغضب والسخط يسيطران علي واتصلت بالجنرال رفائيل ايتان رئيس هيئة الأركان وبعصبية حادة قلت له: يجب أن ترسل أحداً لإخلاء كل هذه الآليات والدبابات التي دمرها الفلسطينيون عليكم بإخلائها ونقلها من هنا لأن بقاءها كما هي سيؤدي إلى تحطيم معنويات الجنود القادمين للمشاركة في هذا القتال المجنون.
 
إن هذا بالضبط ما كان يحدث فما إن يشاهد الجنود كل هذا الحطام حتى تنهار معنوياتهم تماماً. لقد كانت هناك قوات كبيرة من الجيش تحاصر بلدة النبطية كانت كبيرة جداً وقد خضعت هذه البلدة لقصف جوي عنيف ورهيب الجميه كانوا يلقون قنابلهم فوقها؛ الطائرات الدبابات المدفعية الثقيلة جميعهم يقصفون ويقصفون.. والنبطية تقف أمامهم بشموخ ولا تريد أن تستسلم وتخضع لست أدري بالضبط كم كان هناك من الفلسطينيين داخل هذه البلدة لكني متأكد من أن حاملي الكاتيوشا والار بي جي قد قاتلوا بشجاعة فائقة جداً. في منطقة النبطية كانت هناك معارك طاحنة حقاً جيش إسرائيل ومعه كل تلك الأسلحة المتطورة يريد القضاء على الفلسطينيين والفلسطينيون بالمقابل يردون بشراسة وكأنهم يدركون أن كل هذه الجيوش التي غزت لبنان قد جاءت لتدميرهم والقضاء عليهم. لقد كانت هناك 8 طائرات فانتوم -سكاي هوك تقوم بقصف النبطية من الجو وكان هناك أيضاً دبابات ومدفعية ثقيلة من عيار 155 ملم و175 ملم تساهم في دك المدينة وتدميرها وقد تم استخدام كافة أنواع القنابل الثقيلة والمدمرة لتدمير المدينة بما في ذلك القنابل العنقودية الخطيرة. النبطية تعرضت لقصف عشوائي مجنون من الجو والأرض عشرات الأطنان من القنابل ألقين فوق المدينة وعلى الرغم من ذلك لم يجرِ احتلالها بصورة كاملة وحقيقية إلا في اليوم الثامن من الحرب مع أن القوات الإسرائيلية التي دخلتها استمرت تحاصرها وتدك حصونها وأحياءها السكنية أكثر من أسبوع. الجنرال نكديمون: يقول: أستطيع القول هنا بأن مدينة النبطية قد سقطت ولم يبق هناك مقاتل فلسطيني واحد بداخلها لكننا دفعنا ثمناً باهظاً جداً.. ولا أعتقد بأن النبطية موقع استراتيجي فلسطيني يساوي شيئاً إذا ما قيس بأعداد العسكريين الإسرائيليينالذين سقطوا هناك. إن القوات الإسرائيلية التي حاصرت مدينة النبطية ودخلتها تعادل القوات الإسرائيلية التي قاتلت في الجبهة السورية في حرب عام 1967.
 
لقد بدت لنا المدينة كمدينة أنقاض فالقصف الجوي والبحري الإسرائيلي لم يترك في المدينة الكثير من المباني التي لم تدمر وقد اندفعت أرتال الدبابات الإسرائيلية إلى داخل المدينة دون أن تواجه مقاومة حقيقية وبدا لنا أن المدينة قد سقطت بأيدينا دون أن نفقد جندياً واحداً. لكن ما وقع داخل الأحياء السكنية المتبقية بعد ذلك كان غير متوقع فقد بدأ الفلسطينيون يصطادون الدبابة تلو الأخرى بواسطة مدافعهم المضادة للآليات (أر بي جي) واضطرت أرتال الدبابات إلى التراجع مرات عديدة والتمركز عند مشارف المدينة وحولها واكتفينا في هذه المرحلة بإرسال مجموعات راجلة من جنود المظليين لتخوض حرب شوارع وقتالاً من منزل إلى آخر، وقد خاض الفلسطينيون في هذه المدينة معارك تجلت فيها شجاعة فائقة. لقد دارت معارك انتحارية بحق وإنني لأجد نفسي مضطراً إلى الاعتراف بأن ما فقدناه داخل مدينة النبطية هذه لم نفقده في مرتفعات الجولان في حرب 1967... كان يتوجب علينا أن نمسح هذه المدينة عن وجه الأرض تماماً حتى نستطيع السيطرة عليها.
 
أنا لا أعتقد بأننا حققنا نصراً عسكرياً يذكر في لبنان رغم المساحات الواسعة التي وصلنا إليها وذلك بسبب خسائرنا الكبيرة في الأرواح .. إن الجيش الإسرائيلي لا يشعر بأنه حقق نصراً عسكرياً وكذلك الإسرائيليون فهم أيضاً يعانون من جراء ذلك .. هل تريد لأن تقول لي بأن الشعب هنا يحتفل هنا داخل إسرائيل لأن جيشه حقق نصراً عظيماً في لبنان .. إن الشعب اليوم يدفن قتلاه .. أنا لاأعتقد بأن هناك إسرائيلياً لم يفقد عزيزاً أو قريباً أو حتى صديقاً في هذه الحرب .. لا أحد يحتفل لأنه لا أحد يعترف بأن هناك نصراً. المقدم الاحتياط: زئيف شيف: المراسل العسكري لـ "هآرتس: الفلسطينيون في لبنان نجحوا في قهر العد الكبير من الجنود الإسرائيليين المدججين بأحدث الأسلحة والمحصنين في طوابير طويلة من المدرعات والدبابات. وقد أسقطوا أكبر عدد من الضحايا في صفوف الإسرائيليين وكبدوهم أكبر نسبة من الخسائر في الرجال والعتاد. إن الإسرائيليين يميلون دائماً إلى الاعتقاد بأن حربهم الأخيرة هي أفضل الحروب التي خاضوها بل أفضل حرب عرفها التاريخ العسكري لكن موازينهم هذه المرة قد انقلبت رأساً على عقب. فعلى الرغمن من إسرائيل دفعت إلى هذه المعركة بأعداد ضخمة جداً من القوات المجنزرة مع كثافة نيران لم يسبق لها مثيل وسلاح جو طليق يصنع ما يحلو دون أن تعترضه طائرة عربية واحدة.
 
فإن هذه الحرب يعتبرها الإسرائيليون من أسوأ الحروب. الفلسطينيون أفراد مسحون بأسلحة أفضلها المدافع المضادة للدبابات والدروع وتنظيم عسكري كجيش لا يتعدى درجة كتيبة تمتلك بعض المدافع بعيدة المدى والصواريخ المضادة للطائرات بكميات أقل بكثير مما أعلن عنه قبل نشوب الحرب بالإضافة إلى عشرات الدببات وليس كما أعلنت بعض الصحف الإسرائيلية قبل أيام من أن عدد هذه الدبابات كان 400 دبابة فهذا رقم عار من الصحة تماماً ولا يمكن تصديقه. مخيمات اللاجئين جوزات صعبة الكسر .. إنها جوزات من فولاذ جوبهت القوات الإسرائيلية بمقاومة عنيدة من قبل مجموعات صغيرة واعتقدت بأنها تمكنت من القضاء عليها لكنها كانت تفاجأ كل مرة بأن المقاتلين الفلسطينيين أعادوا تنظيم أنفسهم وعادوا يهاجمون ............ العقيد الركن عوفر ايلئال: تحركت باتجاه القطاع الغربي لتعزيز القوات العاملة هناك وكان المنظر نفسه يتكرر أمامنا فلا شيء سوى قرى مهدمة، أشجار ومزروعات تشتعل فيها النار، مدرعاتنا أصبحت حطاماً أو أنها ما زالت تحترق وجنودها الذين استطاعوا القفز يركضون أمامك طلباً للنجاة وهرباً من جحيم الموت. إنه من المخجل جداً القول بأن أبناء إسرائيل القتلى و الجرحى منهم كانوا مطروحين في ساحات القتال دون أن يصل إليهم أحد والذين قتلوا داخل المدن والمخيمات بقيت جثثهم ملقاة في شوراعها حتى الجرحي من الجنود الذين أصيبوا داخل المدن والمخيمات ظلت الدماء تنزف منهم ولم يقدم لهم أي علاج. أنا لا أخفي عليك بأن الروائح كانت تفوح من هؤلاء حينما استطاع البعض الوصول إليهم. مخيم الرشيدية: أنا لا يهمني أن أنجح في السيطرة واحتلال الرشيدية بقدر ما يهمني كم سأفقد من جنودي وضباطي مقابل ذلك. لقد كنا نتقدم ونتوغل بسرعة وكنا نحتل ونسيطر على ممرات وطرق ومحاور أيضاً، لكننا كنا ندفع ثمناً كبيراً من دماء جنودنا مقابل كل رقعة أرض نصل إليها.
 
أنت تتصل بأحد القادة وتشكو له الوضع فيبادر إلى الصراخ ويقول لك افعل ذلك مهما كان الثمن ... إن ما يغيظني أولئك الذين يتحدثون إليك من مواقع بعيدة وربما من داخل مكاتب فاخرة ويصرخون بأصوات مرتفعة يسدون لك النصح ويطالبونك أن تفعل كذا وكذا.. حينما وصلت مع قواتي إلى تلك المنطقة (الرشيدية) اصطدمنا بظاهرة خطيرة وهي اختفاء العديد من الضباط والجنود من طواقم الدبابات والمدفعية واعتبارهم في عداد المفقودين وكان بين المفقودين ثلاثة من كبار الضباط في هذه المنطقة هم العقيد جيجر الذي ساد الاعتقاد بأنه قتل والمقدم أهروني والرائد شاربير. المعارك لم تكن عند مشارف الرشيدية فحسب وإنما في جميع المناطق تقريباً لقد كانت النيران الفلسطينية تطلق من جميع الجهات وكانوا يصبون نيراناً كثيفة جداً وكانت هناك العشرات من قذائف الار بي جي وساغر (صاروخ روسي مضاد للدروع) تتطاير فوق تجمعات قواتنا.
 
لقد كانت هناك مواجهة من مسافات قريبة وقريبة جداً معارك حقيقية وقتال مجنون، خلف كل شجرة أوصخرة أو حفرة صغيرة كنت تجد مقاتلاً فلسطينياً يطلق عليك وبيده مدفع أر بي جي ويردي قتلك وتدميرك وكانت معظم خسائرنا في المعدات (الدروع) ناتجة عن استخدام الفلسطينيين لهذا السلاح. وكان الفلسطيني يقفز ويتنقل بسرعة مذهلة من موقع إلى آخر، وكان من الصعب الاستمرار في مطاردتهم واصطيادهم وعلى العكس من ذلك كانت قواتنا ... فقد كانت تتقدم ببطء شديد خلال سير العمليات. أجيال فلسطين: شاهدت بأم عيني (قبل أن أصبح ضريراً) عشرات الصبية والأطفال الفلسطينيين يركضون في اتجاهات مختلفة وهم يرشقون جنودي بقذائف الار بي جي أنت عندما تواجه طفلاً في العاشرة أو الثانية عشرة يصوب إليك مدفع ار بي جي ولا يتردد في الضغط على الزناد كيف سترى هذه الحرب؟! يا للعنة! أطفال يحملون مدافع ويسخرون من الموت. سؤال: هل كان هؤلاء الأطفال مدربين جيداً هل قاتلوا قتالاً جدياً؟؟ ج:: كانوا مدربين جيداً وكان لهم أساتذة أكفاء. هؤلاء الأطفال كانوا يتمتعون بشجاعة لا تقل عن شجاعة أساتذتهم.
 
ولقد قاتلونا بوحشية ولم أرَ طفلاً واحداً يرفع علماً أبيض ويستسلم لنا. إني أعتقد بأنني قد أصبت بقذيفة أر بي جي أطلقها أحد هؤلاء الأطفال لقد كانوا يجيدون إصابة هدفهم. وقد أصيبت دبابتي بقذيفة أر بي جي إصابة مباشرة وكنت أسبح بدمائي. كنت أسبح بدمائي. مرة ثانية مع معارك صور العظيمة المشرفة الجندي نيرياغرو: المقاتلون الفلسطينيون يتمتعون بجرأة نادرة. الحر الشديد داخل الدبابة يكاد يخنق طاقمها، كما أن القذائف تتطاير في كل اتجاه ومن كل اتجاه. بالإمكان التغلب على الخوف في الساعات الأولى من بدء القتال، لكن يبقى هناك شعور غريب يشبه الشعور بالخوف؛ الخوف من أن تتلقى هذه الدبابة إصابة مباشرة من قذيفة مدفع دبابة أو مدفع آر بي جي أو غير ذلك، وعندها مذا سيحدث؟؟؟؟ الله وحده يعلم...... وصلت وحدتنا إلى مشارف مدينة صور صباح يوم الاثنين وكنا ننتظر أمراً باقتحام صور من أجل تطهيرها من المقاتلين الفلسطينيين.
 
ولكن فجأة فتحت علينا نيران عشوائية من كل جانب لقد كان القماتلون الفلسطينيون مزودين بأسلحة جيدة، والأهم من كل ذلك أنهم كانوا يتمتعون بجرأة نادرة لقد أطلقوا علينا النار من مختلف أنواع الأسلحة ..... تم إخلاؤنا وطلب منا التحرك شمالاً نحو مدينة صيدا أما بقية القوات فقد بقيت عند مشارف مدينة صور في حين تحولت هذه المنطقة خلال لحظات إلى كتلة من لهب، كتلة من جهنم يحترق فيها الجميع. الملازم حنان غورشتاين: دخلنا قرية ترفع الأعلام البيضاء وتبين أنها مصيدة: على مقربة من صور أخذ المقاتلون الفلسطينيون يمطروننا بوايل من النبيران من مختلف الأسلحة المتوفرة لديهم ونحن نتقدم ببطء داخل البيوت والبساتين ودخلنا إلى إحدى القرى كانت جميع منازلها ترفع أعلاماً بيضاء وقد استغل المقاتلون الفلسطينيون هذا الوضع فنصبوا لنا الكمائن وأخذوا يتصيدوننا وقد قتل الكثيرمن أصدقائي ... كان ذلك قبل جسر الزهراني بخمسة كيلومترات ...
 
 كان رجال المنظمات يتركون مقدمة الدبابات والمدرعات تتقدم حتى يشعر الجميع بالأمان وفجأة ينقضون علينا من كل جانب. ..... حاولت أن أوجه نيراني إلى ذلك المبنى لكني ما كدت أضغط على زناد الشاش الثقيل حتى تلقت دبابتي قذيفة أخرى أصابتها من الجهة اليسرى لقد لمحت فدائياً فوق سطح المبنى لمحته وهو يطلق النار علينا بغزارة وفجأة شعرت بغبش كثيف يغطي عيني. النقيب مئير يفتاح: أعرف أن الكثيرين يتحدثون عن بطولات خارقة وانهم قتلوا من الفلسطينيين كذا وكذا. أنا استمع لكل هذه القصص وأطلق ابتسامة ساخرة ذلك لأنني أعلم جيداً بان هناك الكثيرين من الضباط والجنود الذين يتباهون اليوم ببطولات كانوا يدعون المرض والآلام الحادة.
 
عند مدخل صور مثلاً حيث المعارك الطاحنة جداً التي دارت هناك ادعى اكثر من ثلاثين ضابطاً وجندياً أنهم أصيبوا فجأة بآلام حادة في المعدة (مغص). وهذه حالة متفشية تقول للجندي اذهب وقاتل الفلسطينيين فيرد عليك بقوله: (بحق السماء لماذا تريدني أن أموت وقد تزوجت الأسبوع الماضي وزوجتي طرية العود تنتظرني). النقيب جدعون شودولسكي: قائد وحدة دبابات فر من منطقة البرج الشمالي فهو سجين في عل همشمار. يقول: أنا لم أفر من قبل من المعارك التي خاضها الجيش الإسرائيلي ... لأنه كان لدي شعور بأنني أشارك في حرب دفاعية فرضها علينا الآخرون (لو انتصر اليهود وقهروا إرادة الفلسطينيين لما قالوا هذا الكلام) كان من المفترض اعتقال المسؤولين عن هذه الحرب الزج بهم في هذا السجن العفن إن الذين اشعلوا فتيل هذه الحرب هم المسؤولون عن مقتل الآلاف من الشبان الإسرائيلين. المراسل العسكري لصحيفة معاريف: إن الجيش الإسرائيلي الذي كان يتقدم في لبنان اكتشف أن المقاتلين الفلسطينيين ينسحبون أولاً ثم يعودون ثانية لينصبوا كميناً للقوات الإسرائيلية اللاحقة وقد اضطرت القوات الإسرائيلية للمحاربة ثانية في نفس المواقع مرات عديدة. قائد دبابة سنتوريون: قبل أن نتقدم بدباباتنا على محور ما.
  
كنا نلجأ إلى إرسال دبابة أو اثنتين لكشف الممر الذي سنسلكه وحينما كانت الدبابتان تعبران الممر بسلام كان يخال لنا عندها بأن هذه المنطقة أو تلك أصبحت خالية من المقاتلين الفلسطينيين فنبادر إلى التقدم. لكنهم سرعان ا كانا يظهرون ويصطادون الدبابة تلو الأخرى بواسطة المدافع المضادة للدبابات من طراز آر بي جي حتى شعرت بان كل مقاتل يحمل مدفعاً من هذا النوع ليحصد بواسطته دباباتنا. يا لهم من مقاتلين أشداء كنت أسمع عنهم غير ذلك لقد قيل لنا خلال التدريبات التي قمنا بها استعداداً للهجوم بان هؤلاء الفلسطينيين سوف يفرون من أمامنا لقد خدعنا الضباط الذي قالوا لنا ذلك. (أليس هذا مشابهاً لما قاله الضباط والقادة الأمريكيون لجنودهم قبل الاحتلال؟؟ هذا يدل على شيء واحد وهو أن العدو واحد والهدف واحد فأساس كل حروبهم هو الدين ومقصدهم منها هو الدين لذلك فالكفر ملة واحدة نطق بالعجمى أم نطق بالعربية.