كتاب "الجليل.. الأرض والإنسان", للطبعة الثالثة  

 الاصدقاء أعلاه

هذه مسودة, وجزء من كتابي القادم "الجليل.. الأرض والإنسان", للطبعة الثالثة. الطبعة الثانية نشرت قبل ربع قرن, ووزعت في الجليل والمثلث. أرسل المادة للاطلاع, واستمزاج للرأي, ودعوة لأي اقتراحات, أو معلومات, تظنون أنه من المهم أن يشملها هذا الكتاب, الذي سنجتهد في توزيعه لمصلحة أبناء المهجرين في أوروبا بشكل خاص. ولكن هذه الدعوة لا تعني بشكل من الأشكال أني ملزم بقبول أية إضافة أو اقتراح. أرجو احترام حريتي في تقرير ما أكتب وما لا أكتب. خبرتي في هذا الأمر كبيرة  !

أهم ما في موضوعي لوبية ومسكنة - الجارتين -  هو د. أوري ديفيز, المناضل في سبيل حقوق الإنسان, وفيلم " القرية تحت الغابة " المتعلق بِ لوبية. لقد نجحت بالاتصال بالمنتج, ووعدني بأرسال نسخة, مع ترحيبه بعرضها على الجمهور الفلسطسني وغير الفلسطيني, هنا, أ و في أي مكان آخر !

إني أرجو تعميم رجائي بأني أرحب بالاتصال بأي مهجّر , أو مهجر في الداخل, يرغب في الاطلاع على ما كتبته بخصوص موطنه, إن وردني عنوانه.

وأرغب هنا أن ارسل مناشدة  لكل من لديه كتابا عن قرية فلسطينية مدمرة أن يرسلي لي على عنواني أدناه, وأتعهد بإرجاعه له. ما يتوفر عندي للآن: لوبية, لعلي نوف. دير القاسي, إبراهيم عثمان. كويكات, عبد المجيد العلي. حيفا, حسين إغبارية. كامل الحسين, أمال اليوسف. الناعمة, كمال مشيرفة. الزيب, أحمد عودة. البصة, حداد. القرى السبعة, محمود حوراني.

بإخلاص,

فؤاد عبد النور

عنواني

Fouad Abdel Nour; Raumer str. 16, 10437, Berlin.

ملاحظة خاصة للصديقين هدروس وشهابي: لقد التقينا في مؤتمر الجاليات الفلسطينية في بودابست.

مسكنة *

 

  نشر"  د. أوري ديفيز " دراسةً خلال جولةٍ  من المحاضرات منذ السنة 2000 عن " غابة  جنوب أفريقيا " المقامة على مفرق القرية العربية "  مسكنة " , مقابل لوبية , و بمناسة عيد ميلاد  " ويلي براندت " المستشار الألماني, والتي زرعها الصندوق القومي الإسرائيلي, بدعم ٍمن أصدقاءٍ وشركاء, مثل منظمة النساء الصهيونيات في  جنوب أفريقيا, لتغطية أراضي مسكنة,  ولوبية المجاورة, وبمناسبة زيارة أراضي القرية المدمرة  "الشجرة "  كذلك.

 

هذا وقد ولد د. ديفيز في القدس في السنة 1943, وهو مدافعٌ  قوي ٌّوعنيدٌ عن حقوق الإنسان, ومعادٍ للصهيونية, ومستشارٌ في  " مؤسسة مفتاح ". بالإمكان الوصول إليه عن طريق  عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

للتعرّف أكثر

uridavis-official-website.info.gentile-forest.htm

 

 

يقول د. ديفيز:

"بما انه توجد حكومةٌ, حكومة دولة إسرائيل, التي تدّعي أنها تتصرف ليس لمصلحة سكان إسرائيل فقط, ولكن لمصلحة اليهود في شتّى أنحاء العالم, وبما أن هذه الحكومة , وبالتأكيد كل الحكومات السابقة, ارتكبت جرائم ضد الإنسانية, فإن ادعائها هذا يشمل اسمي كمواطن في دولة إسرائيل, وكيهودي,ٍّ فإني أرى أنه يتوجب علي, كما أنه يتوجب على كل المواطنين الآخرين, أن يحشدوا قواهم, وأن يصرخوا بكل قوٍّة : جرائم حربٍ, جرائم ضد الإنسانية,  لا أقبل أن ترتبط باسمي !

 

" وبالتالي فإن مواطني الفيدرالية الألمانية,  ومواطني كل دول الإتحاد الأوروبي, وأعضاء الكنائس المسيحية, وأعضاء أديانٍ أخرى,  لديهم مسؤولية حشد القوى

 

القوى, والصراخ بأعلى صوت: لا لتغطية جرائم الحرب, والجرائم ضد الإنسانية, ليس باسمهم ! صحيح أنه لا توجد أفران غازٍ في إسرائيل,  ولكن كما قالت الوزيرة السابقة " شلوميت ألوني ": لا توجد هناك طريقة واحدة للقتل, أو إبادة الجنس الآخر ".  

 

" يمثل " ويلي براندت " جزءاً من الأمم الجديدة,  بكلمات أخرى إنه جزء ٌ من غير اليهود الذين غالباً ما ضحوا بحياتهم, وعرّضوا  حياة عائلاتهم للخطر,  حتى ينقذوا اليهود من براثن النازية, وهناك متعاونين آخرين إلى جانب ويلي براندت,  لهم  لوحة أخرى مثل " محاربي المقاومة الدنمركيين ", ولوحة للملكة بياتريس, ملكة هولندا.

 

" حُفظت هذه اللوحات الثلاث في مخزن " مركز جولاني " المبني فوق قرية مسكنة.  المخزن هذا تابعٌ لِ " مكاتب الجليل الأدنى والجولان ", وتوجد فيه لوحات أخرى, حفظت جميعها لحمايتها من التخريب.

 

" فلنرجع  قليلاً إلى الوراء.  كان عدد سكان إسرائيل قبل حرب الأيام الستة حوالي ستة ملايين نسمة, منهم مليون عربي. هذا المليون, الذي , 25 % منه تقريبا ينطبق عليهم اصطلاح " حاضر -  غائب ". بمعنى أخر, إنهم مواطنون يدفعون الضرائب, ولكنهم محرومون من معظم أملاكهم وأراضيهم."

 

فمن هو هذا ديفيس, صاحب الصوت المحتج العالي, الذي سبق جميع المؤرخين اليوهود  الجدد. ولم يكتف بهذا, بل انضم إلى فتح, وتزوج فلسطينية, وسكن الضفة الغربية ؟!!

 

أُفضل أن أدع كاتبا أوروبياً ليتحث  عنه, حتى لا أُتهم بمحاباته كفلسطيني, مُعجب.

 

كتب بيتر بيمونت, في صحيفة الأوبزرفر البريطانية, بتاريخ 23 \ 8 \ 2009  ما هو ملخصه:

 

لماذا انضم أوري ديفيز لفتح؟

 

العضو الأول اليهودي في المجلس الثوري لفتح يتحدث عن رحلته السياسية الفريدة.

 

يُلقب أوري بالخائن في الأوساط الصهيونية.  فقد كان أول من استخدم  المصطلح" إسرائيل دولة عنصرية " في السنة 1987. وعندما اشترك في المؤتمر ضد العنصرية في " دربان " لقي استنكاراً كبيراً من منظمة  " Anti Defamation League "

 

                                 واعتاد الساسة الصهيونيون على وصفه " بكارهٍ لليهود ", بينما يقول عن نفسه" أنا لست بكاره ٍ لليهود. أنا ضد الصهيونية !"

 

انتــُخب العضو 31 من 600 عضوالمجلس الثوري لفتح.  وتربى في بيت أمٍ نجت من الكارثة, وكانت تغضب من "التعميم ", وتؤكد" ليس كل الألمان اشتركوا بالمحرقة, بعضهم".  وتكره فكرة الانتقام, وتطالب بالعدل, وليس الانتقام. وبالتالي " ليس كل العرب يرغبون في رمي اليهود في البحر! "

 

ديفيس حريص في انتقاء كلماته. يقول أن الصهيونية التي يقف ضدها هي إسرائيل الصهيونية التي أسسها الأباء الأولين. والتي اعتمدت على الاستيلاء على الأرض, والتطهير العرقي. ويقول أن أفكاره تطورت من فكر " أحاد هآم ", الفيلسوف اليهودي المتدين, ومارتن بوبر, ويهودا ماجنس, المؤسس المشارك في جامعة القدس. والثلاثة كانوا يدعون للتفاهم مع العرب, وأن تكون إسرائيل تجمعٌ روحيٌّ ليهود العالم. ولكنه نقم على تصرفات مارتن بوبر, حيث تملك مارتن بيت إدوارد سعيد في القدس. وتأثر ديفيس كذلك بِ " ليون روت " الأستاذ المشارك في جامعة القدس, والذي عاد إلى جامعة كامبردج,  حانقاً  من طريقة التعامل مع  الفلسطينيين العرب. وقد تأثر كذلك بكتابات غاندي, ومارتن لوثر كنج, وكان من أوائل من رفضوا الخدمة في الجيش الإسرائيلي,   في وقت لم يكن أحدٌ قد سمع بهذا من قبل. وفُرض عليه بدل ذلك الخدمة في كيبوتس على الحدود مع غزة.

 

ولكنه رفض في الكيبوتس الاشتراك في دوريات الحراسة حول الموقع, مما كان يسبب له خناقات واستفزازات مستمرة مع زملائه.  تحدث عن تجربة خاصة هناك:

 

" في أحد الأيام أخذني  زميلٌ لي  إلى حدود الكيبوتس, وسألني: ماذا ترى ؟ فأجبت: أرى بعض الأشجار. فسأل الزميل ثانية: وماذا أيضاً؟ ألا ترى كوم الحجارة ؟ فأجبت: نعم هناك كوم حجارة.  فشرح الزميل أن كوم الأحجار هذا هو  لقرية كانت هنا, واسمها " ديما ". سكانها لاجئون الآن. هل تفهم الآن لماذا يكرهوننا, ويرغبون في رمينا في البحر؟ فقلت له:

 

" نعم, ولكن هناك بديل. بإمكاننا أن ندعوهم للعودة, ونتشارك وإياهم في المكان ! فنظر إلى نظرة قاتلة, ورأى في شخصاً ميئوساً منه, ولا أزال كذلك!"

 

وحصل ديفيس على الاستنارة الثانية في تجربة مرت عليه في شبابه. ورغم أنه ولد في القدس, ولكنه نشأ في  مزرعة قرب هرتسليا. وكثيراً ما كان يتمشى على شاطئ البحر, ويمر بقرية عربية مدمرة, ما عدا جامعها الكبير, ويتفيـّـأ في ظله.[1] وكان يستمع لشيوخ المزرعة يرددون أنهم قد ترجّـوا  العرب  أن لا يهجروا القرية, ويبقوا,  ولكنهم رفضوا. لم يكن يتعمـّق في التفكير في معنى قولهم هذا, ولا يُحلله.

 

ولكن حصل خلال الحرب الخليجية الأولى, عندما قذف صدام إسرائيل بصواريخه, أن اتهم رئيس بلدية إسرائيل مواطنيه الذين هربوا أنهم جبناء ! وعندما انتهت الحرب, رجع أولئك السكان إلى بيوتهم, واستخدموا مفاتيحها, وسحبوا النقود من الأجهزة الآلية,  وفتحوا حواصلهم, ورجعت حياتهم إلى روتينها  السابق. من المثير لانتباه  أن لا أحد قال لهم: " كل من ترك بيته فقد الحقّ  بمـُلكيته !"

 

" هنا كانت النقطة الفاصلة في حياتي " قال.

 

نشر ديفيس كتابه " الدولة العنصرية "  عام 1987. وشرح فيه أنه يجب التفريق بين العنصرية والتمييز العرقي. وأنه من الخطأ أن  تُختار إسرائيل لوحدها كدولةٍ عنصرية, كما كتب إلى صحيفة الأهرام المصرية في عام 2003. " ولكن إسرائيل تستخدم القانون لإجبار مواطنيها على اختبارات عنصرية, خاصة بالنسبة للأرض, للمنازل, ولحرية السكن ".

 

وعانى ديفيس عدة مشاكل مع القانون الإسرائيلي, فاضطر للتعليم في جامعات أجنبية لتجنب المحاكمة, وعاد مع السلطة في اتفاق أوسلو, ولم ينجح في استرجاع مكانته في " الأكاديميا" الإسرائيلية, وزاد الأمر صعوبة زواجه من فلسطينية, فحـُرمت هي أيضاً من السماح لها بسكنى إسرائيل, وديفيس نفسه ممنوع من المعيشة كإسرائيلي في المناطق المحتلة. ويقول عن مكان سكناه أنه أمر خاص.   

 

لوبية  *

 

حاولت قبل ربع قرن أن أجد أحدا من سكان لوبية السابقين في الجليل فلم أنجح.  فهمت مؤخرا أن بعضا منهم قد لجأ إلى كفر كنا القريبة. ولكنهم موجودون بكثرة في المهجر, خاصة في برلين, إذ لجأوا إليها بعد المذابح التي ارتكبت في  مخيم " تل الزعتر" للاجئين الفلسطينيين  في لبنان.

 

ولكني دخلت إلى أرضها, وتجولت في الحرج الذي زُرع لإخفاء جريمة تهجير أهلها, وتدميرها.

 

كانت لوبية قريةٌ مزدهرةٌ , تمتد أراضيها إلى طبريا. ويقال أن حقولها كانت تـُزود جيوش  روما  بما تحتاجه من القمح. وهي مبنية فوق خربةٍ رومانيةٍ  كانت تعرف باسم " تل اللبوة ". امتدت على سفح تلٍ, مستطيلةً من الشرق للغرب, موجهةً أنظارها إلى الشمال, إلى السهل المقابل,  مراقبةً تحرك القوافل والجيوش المتجهة إلى طبريا, أو الداخلة إلى فلسطين.

 

كان عدد سكانها يقارب أربعة آلاف نسمة في السنة 1945. سكانها مشهورون بشدة البأس, والميل إلى العدوان !

 

لا تزال آثار خان لوبية ظاهرة. وقد اشتهرت من أيام الصليبيين والعثمانيين  كمحطة للقوافل والتجار المتجهين إلى عكا, أو إلى حوران والأردن.  ولا تزال آثار بركة لتجميع مياه المطر, وصهاريج منقورة في الصخر  لخزن  ماء المطر, وحجارة ضخمة لأبنيةٍ أكثر ضخامة, وكروم العنب والزيتون, ونبات الخرشوف الذي كانت اشتهرت بزراعته.

 

نجد أبناءها الآن في أغلب الدول الأوروبية. أحدهم "  سعيد هدرس ", من حزب اليسار في السويد, ومـُــنسق " مجموعة 194, وموقعها بنفس الاسم", وقد كتب في الموقع ما يلي:

 

" خمسة وستون عاما وعيوني شاخصة إلى قريتي لوبية, رغم أني لم أزرها, ولكنها تعيش فيّ, وأشعر أني أعرفها,  وأعرف تضاريسها. أعرف شجرها,  وحاراتها, وشجر الخروب, والتين والزيتون. أهم ما ورثته من أبي كان ذكرياته عن لوبية. عرفت منه كل شيء عنها. وأرى من واجبي أن أنقل إلى أولادي هذه المعرفة, حتى نحتفظ بحقنا في العودة إلى قريتنا لوبية, كما هو من حق شعبنا اللاجئ أن يعود إلى دياره التي شُرد منها بفعل الهجمة الصهيونية".

 

مر بها الكثير من الرحالة الأوروبيين في القرن التاسع عشر, وذكروا أنها أكبر قرية في قضاء طبريا. وذكروا أن زلزالا ً قد ضرب القرية في السنة 1837, وهدمت أغلب بيوتها, وتوفي تحت الردم 134 من سكانها.

 

عرف من علمائها أبو بكر اللوباني, الذي كان يدرسّ الشريعة في  دمشق.

 

مات بها سليمان باشا, والي عكا, في طريقه لمحاربة الظاهر عمر.

 

افتتحت فيها مدرسة ابتدائية أيام العثمانيين,  في السنة1885,  واستمرت في البقاء في عهد الانتداب.

 

سقطت في 16 \ تموز \ 1948, بعد سقوط الناصرة, وشُرّد السكان،, ودُمرت البيوت.

 

الحرج الذي يغطي القرية بادٍ للعيان , إذ إنه على يمين الشارع الرئيس  الناصرة- كفر كنا- طبريا.  سُمـّي الحرج على اسم " جنوب أفريقيا " التي كانت متحالفةً مع شقيقتها في  العنصرية :- إسرائيل. وذُكر في الأنباء أن السفير الحالي لجنوب أفريقيا في إسرائيل قد تسلم رسالةً من الحكومة الإسرائيلية , بأن 18 شجرة  قد سميت باسمه في حرج لوبية.  فرد على الحكومة رافضاً ذلك, وقال أنه يرفض المساهمة في تجميل الاحتلال, وهو المعروف بمناهضته للتمييز العنصري في جنوب أفريقيا, وكذلك السياسة العرقية في إسرائيل.

 

وقد تم عرض فيلم " القرية تحت الغابة " لباحثةٍ وكاتبةٍ يهوديةٍ من جنوب أفريقيا, كانت مناصرة ًلإسرائيل,  وتتبرع لها باستمرار. إلى أن اكتشفت أنها قد ساهمت من حيث لا تدري في جريمة تغطية لوبية, فكــفّرت عن ذلك بإنتاج هذا الفيلم.

 

من الشخصيات اللوبية يوسف اليوسف, ناقدٌ أدبيٌّ, ومشاركٌ في " رابطة أبناء لوبية " في لبنان.

من الأخبار المؤسفة والمحزنة أن غسان الشهابي , من مخيم اليرموك, اغتيل على يد قــناصٍ.  غسان "  مؤسس دار الشجرة للطباعة والنشر ", وقد تحمل مسؤولية طباعة ستة عشر كتابٍ  عن قرى الجليل المدمرة.

 

أما موقع " رابطة بيت المقدس " ففيه الكثير من الصور الجميلة عن لوبية.

أحمد الشهابي مصدرٌ جيد كذلك: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كتاب : لوبية- درة من درر الجليل. علي قاسم نوف.

قرية لوبية. إبراهيم يحيى الشهابي.