الهجرة حلم ام كابوس

بقلم الاخت م. الخلايلي
17/10/2018
بين الحين والآخر تفوح نفحات لطبخات سياسية مختلفة تخدم "صفقة القرن"،ومن بينها الهجرة الى الدول الاوروبية والتي اصبحت حلم الكثيرين.
إن اللاجئ الفلسطيني في لبنان هو الأتعس بين نظرائه في الدول العربية الاخرى، نظراً للظروف القاسية التي يعيشها هذا اللاجئ بدءً من حرمانه الحقوق المدنية والسياسية وحتى الانسانية، مروراً بالعنصرية والتهميش، ووصولاً الى التدهور الحاد على كافة الاصعدة في لبنان، ما يزيد الخناق على ابن البلد، فكيف على لاجئ ضاقت به الارض بما رحبت ؟!
ولا شك أن هناك ما يُحاك لتصفية القضية الفلسطينية بشكل عام، وإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين بشتّى الطرق والوسائل، فالتوطين يقع على اللاجئ الفلسطيني في الدول العربية وتتم إذابته في تلك المجتمعات .أما اللاجئ الفلسطيني في لبنان فوضعه مختلف، كَون الدولة اللبنانية ترفض توطينه وذلك حفاظاً على توازنها الديمغرافي و"حرصاً منها" على حق العودة. وفي المقابل نرى اميركا تقطع الوريد الاساسي المغذي للأنروا، فيعيش بذلك اللاجئ "على أعصابه" مهدَّداً بالحرمان، بالتجهيل، مهدَّداً بأبسط حقوقه. كما نرى من يرفض أن "يُغرق اسرائيل بأمواج من اللاجئين".وبهذا يقع اللاجئ الفلسطيني فريسةً لأنياب السياسة، ترفضه كل الجهات وتنبذه وتُظهر له صراحةً أنه غير مرغوب فيه، فيحمل وزره ووزر أجداده الذين لم يُخطئوا الا في اختيار لبنان كبلدٍ للّجوء..
وهنا يحلم اللاجئ الفلسطيني في لبنان بالهجرة فهي الأمل الوحيد الذي يضمن له العيش بكرامة، ومن خلالها يمكنه أن يتذوق طعم "الحقوق" للمرة الأولى .
وقد تزايدت الهجرة الغير شرعية بشكل لافت خلال الأشهر الماضية، فقد غادر حوالي 900 فلسطيني من مخيمات نهر البارد والبداوي وشاتيلا بطرق غير شرعية بعدما باعوا بيوتهم وممتلكاتهم بحثاً عن حياةٍ أكثر استقراراً. وقد أصبحت الهجرة عدوى متفشية بعد ملاحظة التسهيلات التي حصل المهاجرون عليها، كما تحولت من هجرة فردية الى مطالبة بالهجرة الجماعية.. والهجرة الجماعية هي الطبخة التي تُناسب "وجبة القرن" ولكنهم لم يطلبوها! هم دفعوا اللاجئ اليها، هم أوصدوا الابواب أمامه وتركوا له هذه "الطاقة" كي يهرع إليها طالباً "الاوكسيجين"،ثم يمُـنّون عليه بالهجرة.
ولا شك انه في الهجرة يهرب "منهم اليهم"،فهو يهرب من سياساتهم التي فرضوها عليه، الى "أمنهم" الذي طبّقوه عندهم ،وحُرم هو منها منذ أن رأى النور للمرة الأولى ،فيا لكرمهم الباذخ!
 
إن الضغوطات الكبيرة وحالة التخبّط وعدم الاستقرار تفرض على اللاجئ الفلسطيني أن يقف أمامها وجهاً لوجه على مبدأ "عسكري دبّر راسك"،فلا قيادة توجِّـه ،ولا سُلطة تحمي ولا أحد يهتم، فقد اعتاد اللاجئ الفلسطيني في لبنان أن يظلّ في مهبِّ الريح..
فهل سيظل هذا اللاجئ مُسَيَّراً لا حول له ولا قوة ،وينتظر "الفرج"؟! أم أنه سيحرق "الطبخة السياسية" ضارباً بعرض الحائط كل التوقعات وكل الخطط المرسومة له ؟