التحصيل العلمي في مرحلة التعليم الاساسي للفلسطينيين في لبنان

 

رضوان عبد الله

بلغ عدد الفلسطينيين في لبنان اكثر من  406 ألف نسمة حسب احصاءات المسجلين لدى الاونروا في نهاية العام  2011، يضاف اليهم حوالي 41000 نسمة وهم الفلسطينيين المقيمين في المخيمات و غير مسجلين لدى الانروا منهم 26000 نسمة حصلوا على وثيقة سفر من شؤون اللاجئين في وزارة الداخلية في لبنان و 15000 فلسطيني ليس لديهم اي اوراق ثبوتية ومحرومون من خدمات الانروا ( الا من التعليم ) ، وبسبب عدم تجديدهم لاقاماتهم يتعرضون  للملاحقة او لغرامات كبيرة من قبل الدولة اللبنانية ، رغم انهم دخلوا الى لبنان بطريقة مشروعة ، ونظم  وجودهم في لبنان اتفاق القاهرة الذي حصل بين منظمة التحرير الفلسطينية و الحكومة اللبنانية عام 1969 ، والتي قامت الدولة اللبنانية في ما بعد بالغائها من طرف واحد   .

و يذكر هنا ان جميع الفلسطينيين من لاجئي 1967 ( الذين لا يملكون بطاقات هوية صادرة من لبنان) ليس لديهم الحق بالإلتحاق بالمدارس الرسمية اللبنانية ولا يمكنهم الإفادة من الخدمات الصحية اللبنانية كما لا يمكنهم مزاولة المهن المشمولة بالضمان ( كبقية الفلسطينيين ) مثل الطب والمحاماة والهندسة ...إلخ. وهكذا فإن نسبة مزاولة الفلسطينيين للمهن الوظيفية وإفادتهم من التعليم والخدمات الصحية أصبحت محدودة جداً  .

 

وكان قد أنشئ ما مجموعه ستة عشر مخيما منذ قدوم الفلسطينيين إلى لبنان على أساس مؤقت قبل أن يصبحوا لاجئين حيث أن القرار السياسي العربي والفلسطيني واللبناني قرر أنه لا يجب ان يصبح هؤلاء مواطنين لبنانيين كي لا يفقدوا بالتالي "حق العودة" إلى وطنهم حسب القرار الدولي رقم 194 ، ( دمر 4 من تلك المخيمات نتيجة الحروب في لبنان و العدوان الصهيوني المتكررو هجرت حوالي 6000 اسرة من مخيماتها و تجمعاتها اثناء تلك الحروب المتعاقبة ) . ومن الجدير ذكره  أن نتائج المسح الشامل للمعاقين الفلسطينيين في لبنان الذي اجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2003 يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات وتجمعات الفلسطينيين في لبنان فقط حوالي (148524)  نسمة يتوزعون في 12 مخيم وبعض التجمعات   !!! .

 

ومهما يكن فإن الفلسطينيين في لبنان يعتبرون ان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي و الوحيد لهم ، مثلهم مثل باقي الفلسطينيين المتواجد في اصقاع الارض قاطبة ، و انها المعين الوحيد لهذا الشعب في الظروف الصعبة . وكانت الأنروا – وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – إحدى المنظمات غير الحكومية ذات الطابع الدولي التي لعبت دوراً أساسياً في حياة  الفلسطينيين وعائلاتهم ، خاصة في ميادين التعليم والعناية الصحية والرعاية الإجتماعية و الخدمات،إلا أنه خلال العشر سنوات الاخيرة تعرضت أنشطة المنظمات غير الحكومية وسائر المنظمات العاملة في لبنان إلى التخفيض والتقييد وظهر ذلك بشكل خاص في المخيمات . أضف إلى ذلك أن المنظمات غير الحكومية و المؤسسات الاهلية لديها أزمات مالية وتعاني من عجز مالي ناتج عن مجمل الأزمة الإقتصادية التي يعاني منها البلد بشكل عام وتضاؤل الهبات والمنح التي تتلقاها  .

 

و هكذا فان غالبية الفلسطينيين في مخيمات لبنان محشورون في مساحات ضيقة تقع خلف جدران وهمية تفصلهم عن أبسط مقومات الحياة. منازلهم غالباً مدمرة ومحاطة بشبكة من النفايات والقمامة وحياتهم بائسة غير قابلة للإحتمال ولا أمل يرجى فيها. كما أن نقص عدد المدارس وتدني نوعية التعليم وهياكل تلك المدارس والأوضاع الإقتصادية الصعبة وسوء وقلة الخدمات الصحية والإجتماعية هي فقط بعض المشاكل التي تؤدي إلى زيادة مضطردة في أعداد التلاميذ الذين يتسربون من المدارس  .

 

يذكر هنا ايضا ان جميع الفلسطينيين من لاجئي 1967 ( الذين لا يملكون بطاقات هوية صادرة من لبنان) ليس لديهم الحق بالإلتحاق بالمدارس الرسمية اللبنانية ولا يمكنهم الإفادة من الخدمات الصحية اللبنانية كما لا يمكنهم مزاولة المهن المشمولة بالضمان ( كبقية الفلسطينيين ) مثل الطب والمحاماة والهندسة ...إلخ. وهكذا فإن نسبة مزاولة الفلسطينيين للمهن الوظيفية وإفادتهم من التعليم والخدمات الصحية أصبحت محدودة جداً  .

 

ومن جهة ثانية ، فإن زج المخيمات الفلسطينية في الحرب اللبنانية لسنوات متعاقبة أدى إلى وفاة الكثير من ذوي المداخيل (الآباء وكبار الأبناء) عدا عن إعاقة العديدين منهم اذ تجاوز العدد  لأكثر من 4000  معوق فلسطيني في لبنان من بينهم حوالي 640 طفلا ما بين 3 و 15 عاما غالبتهم خارج المدارس حيث تسعى مؤسسات المجتمع المحلي الفلسطيني لدمجهم في رياض الاطفال و المدارس بالتعاون مع الاونروا و هيئة الاعاقة الفلسطينية في لبنان و التي تضم ما لا يقل عن 20  جمعية و مؤسسة فلسطينية و دولية تعمل في مجال الاعاقة   .

 

هذا وقد تمكنت المنظمات غير الحكومية العاملة في المخيمات الفلسطينية من رصد أعداد كبيرة من الأطفال العاملين والذين ينتمون إلى أسر يعاني معيلها الأصلي من الإعاقة أو من مرض عضال. ففي دراسة صدرت منتصف العام 2004  تحت عنوان "  الاوضاع الاقتصادية ـ المعيشية و الصحية للفلسطينيين في لبنان " و اعدتها جمعية الهلال الاحمر الفلسطيني في لبنان ذكرت فيها " زيادة الفلسطينيين من 100 ألف الى 400 ألف نسمة الا ان مساحة المخيمات لم تتغير مما ادى الى الاكتظاظ السكاني و سوء الوضع الصحي فيها ..." مما فاقم من اوضاعهم المعيشية و الاقتصادية للفلسطينيين و اثر على التعليم لديهم ( و هذا ما سنوضحه لاحقا و بالتفصيل ) ، اذ " ان نسبة البطالة و العاطلين عن العمل وصلت الى ما فوق 40 % حسب تقديرات الاونروا و اليونيسيف و بعض الباحثين الفلسطينيين قدروها باكثر من 60 % " حسب الدراسة عينها   .

  •          مراحل التعليم التي يمر بها الفلسطينيون في لبنان

 

يمر الطلبة الفلسطينيون بثلاث مراحل تعليمية أساسية ، وهي: المرحلة الإبتدائية، المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية. وإذا اجتاز هذه المراحل دون أي معوقات، فإنه ينتقل إلى المرحلة الجامعية أو الإعداد المهني. وبما أن غالبية الطلبة الفلسطينيين ينالون قسطهم التعليمي حتى نهاية المرحلة الثانوية في مدارس الانروا، لذا فإننا سنتناول الكلام عن مستوى التعليم بالتفصيل لدى الطلبة الفلسطينيين في مدارس الأنروا  .

 

تشرف وكالة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على تعليم أغلبية أبناء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتقوم دائرة التربية في الأونروا بالإشراف على العملية التربوية في المجتمع الفلسطيني في المراحل الاساسية الابتدائية و المتوسطة و الثانوية اضافة الى معهد سبلين المهني ، كما تقوم الاونروا بإدارة كافة جوانبها إن لجهة المباني والأفراد أو لجهة المناهج ومتفرعاتها حيث تدير حاليا 74 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وخمسة مدارس ثانوية في بيروت وصيدا وصور و طرابلس و البقاع ، ومعهد سبلين و هو المعهد المهني الوحيد ، بينما يحرم الاطفال في مرحلة الروضة من أية خدمات تعليمية من قبل الاونروا ، و لا تقبل التسجيل في مدارسها في الاول إبتدائي أي طالب ناقص عن عمره ست سنوات و لو يوماً واحداً  .

 

و تتوزع مدارس الأونروا على إثني عشر مخيماً فلسطينياً في لبنان ، فيما تقل المدارس في التجمعات الفلسطينية ، وكان عدد المدارس بداية السبعينات يصل إلى 80 مدرسة ، ولكنه تراجع أوائل الثمانينات الى 74 بعد تدمير عدد من المدارس بفعل الحرب و القصف الإسرائيلي ، ليصل اليوم العدد الى 79 مدرسة بعد بناء عدد منها في السنوات السبعة الماضية  .

  •          الواقع التربوي لمدارس الاونروا   :

 

تضم مدارس الأونروا وفقا لتقارير صادرة عن الأونروا و عن منظمات طلابية فلسطينية حتى نهاية حزيران من العام 2007 حوالي 40000 ألف طالب، أي حوالي 10 في المئة من عدد اللاجئين الفلسطينيين. وتعتبر هذه النسبة متدنية إذا ما قيست الى المجتمع اللبناني الذي تبلغ نسبة طلابه إلى عدد السكان فيه ما يقارب 23% . ويبدو عجز الطلاب داخل القاعات التي تضم الواحدة منها ما بين 50-55  طالبا في كثير من المدارس . وتعمل أكثر من المدارس بنظام الفترتين الصباحية والمسائية وتشكو المدارس من انعدام وجود الأجهزة والأدوات التعليمية الأساسية والمساعدة كالكمبيوتر والمجسمات العلمية والطبية... ويعود سبب ذلك إلى تراجع الموازنة التي تعتمدها الأونروا لدعم مدارسها، إذ تبلغ هذه الموازنة وفقا لعام 1997، ثمانية ملايين دولار تدفع للعملية التربوية بما فيها نفقات التعليم ورواتب الموظفين والمعلمين والمدراء الذين يبلغ عددهم في قطاع التعليم 1495 موظفا  .

 

ونتيجة لضعف الموازنات ، عمدت الأنروا إلى إحلال أصحاب الكفاءة العلمية المخفّضة مكان الاساتذة حملة الشهادة الجامعية، ولجأت إلى التوظيف اليومي و الى الفئة   (Z ) في أحسن الاحوال . ونتيجة العجز المالي الذي يبلغ سنويا 70 مليون دولار، فرضت الأونروا على الطلاب الفلسطينيين في لبنان رسوما عند التسجيل تختلف حسب اختلاف المراحل التعليمية ، وباتت إدارة المدارس تقتطع من حصيلة الإيرادات السنوية مبلغا معينا تنفقه على تحسين الخدمات فيها، وترسل البقية الى الإدارة المركزية  .

  •          واقع الأهالي  :

 

تتأثر العملية التربوية بدور المجتمع ويرتبط التحصيل العلمي للأفراد بدور العائلات. وفي مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حيث تكثر المشاكل الاجتماعية والنفسية ويعيش الناس في ضائقة معيشية يتأثر الطلاب بالأجواء العامة التي يعيشها الأهالي فيضطر عدد كبير من الطلاب تصل نسبته حسب تقرير الأونروا عام 1996 الى 14.6% الى ترك مقاعد الدراسة والاتجاه لسوق العمل ، مما يزيد من نسبة المتسربين من المدارس الى ما معدله 18 % من المجموع العام لطلبة المراحل الاولى الثلاثة حسب تقرير نهاية العام الدراسي 2003 الصادرعن  جمعية الخريجين الفلسطينيين من جامعات و معاهد لبنان. كما أعلن المكتب المركزي للأحصاء والمصادر الطبيعية الفلسطيني في نهاية أيار من العام 2003  أن ما نسبته 23% من السكان من عمر 15 سنة فما فوق هم أمييون وأن اللاجئين لديهم مستويات تعليمية أقل من اللبنانيين حيث وجد ان 12 % من اللاجئين الفلسطينيين مقابل 22% من اللبنانييين أكملوا المرحلة الثانوية فما فوق   .

 

وأشار مكتب الاحصاء إلى أن ربع اللاجئين البالغين فقدوا الأمل بالمستقبل . ولا تتوفر للطالب أجواء نفسية واجتماعية مريحة بسبب الخلافات العائلية وتداخل المنازل وصعوبة رقابة اولياء الامور . وقد صدر في ايار من العام 2003 ايضا كتاب باللغة الإنكليزية عن معهد   ( FAFO ) تحت عنوان "ماض صعب ومستقبل غامض: الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين في لبنان" ، يشير إلى أن فرد واحد من أصل 5 أفراد يعاني من مرض نفسي أو عضوي مزمن وأن 3% من اللاجئين لديهم أمراض مزمنة بسبب الحرب ، ووجد الكتاب أن 9% من الأطفال يعانون أو معرضون لسوء التغذية  .

 

من جهة أخرى ، لا تأخذ العائلات دورها في الإشراف على اداء المدارس ودعمها خاصة من خلال لجان الأهل . وغالبا ما تقع خلافات تصل الى الضرب إذا تعرض أحد المعلمين لطالب بطريقة توجيهية ما يعتبرها الأهالي قسوة  .

  •          الصعوبات التي يواجهها الطلاب الفلسطينيون في لبنان  :

 

هناك صعوبة كبيرة في تلقي الطالب الفلسطيني تعليمه في المدارس اللبنانية الخاصة نظرا للتكاليف المرتفعة قياسا الى أوضاع اللاجئين ، و تصل الاقساط أحيانا إلى 1500 دولار امريكي سنويا . ورغم هذا الواقع تحاول بعض المؤسسات غير الحكومية والمانحة التنسيق مع الأونروا من اجل ان تمد المدارس بالتجهيزات التعليمية المطلوبة ، وإقامة دورات تقوية لكافة المراحل وفتح مراكز مجانية لتعليم الكومبيوتر واللغات ، وإقامة ندوات تثقيفية للأهالي ، وحث الطلاب على التحصيل العلمي ، في وقت تراجعت فيه تقديمات المنح الطلابية خاصة لطلبة الجامعات  .

 

وكغيرها من المخيمات المنتشرة في أجزاء أخرى من الوطن العربي ، تقوم الأونروا بتأمين الخدمات التعليمية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ، ولكنها كانت تقتصر فقط على المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وتعتمد نظام الدوامين بسبب قلة عدد المدارس مقارنة بعدد الطلاب ، و فيما بعد تم افتتاح خمس مدارس ثانوية لا تستوعب الاعداد الكبيرة من طلاب المرحلة الثانوية مما يزيد من تفاقم الازمة التعليمية للطلاب الفلسطينيين في لبنان . و رغم قرار وزارة الداخلية اللبنانية رقم 319 و الصادر في 2 آب عام 1962 عن وزير الداخلية الراحل السيد كمال جنبلاط باعتبار اللاجئين الفلسطينيين على انهم " اجانب مميزون " ، الا ان الحكومة اللبنانية تعامل اللاجئين الفلسطينيين كأجانب ولذلك فهم محرومون من العمل في اكثر من سبعين مهنة ووظيفة تطبيقا لمرسوم جمهوري صدر في زمن الرئيس السابق أمين الجميل ، و بفعل القرارات المتعاقبة للحكومات اللبنانية و آخرها القرار رقم 1/ 621 بتاريخ 18 / 12 / 1995 ، حول عمالة الاجانب ، الأمر الذي أدى إلى تفاقم مشكلة البطالة بينهم مما انعكس سلبا و زاد من معدلات تسرب الطلاب من المدارس خصوصا في المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة وانخراط الاطفال الفلسطينيون في سوق العمل وفي الورش غير الآمنة وغير المضمونة صحيا، في حين يتعرض الكثير من الاطفال العاملين الى ابتزاز يصل في كثير من الاحيان الى حرمان الاطفال حتى من مستحقاتهم المتوجبة لدى اصحاب العمل   .

 

وفي السنوات التي تلت الحرب الأهلية أدى تدمير بعض المدارس و تخلّي الأنروا عن تقديم التأمين التعليمي المجاني بالكامل الى بروز مشاكل التسرب المدرسي وإرتفاع نسب الأمية التي التي زادت في السنوات العشر الاخيرة الى معدلات مرتفعة لوحظ خلالها تسكع العشرات من الطلاب المتسربين في شوارع وازقة المخيمات والتجمعات الفلسطينية ، في حين تدنت نسبة الطلاب الحاصلين على الدرجات الجامعية الى معدل النصف ( من حوالي 4,2 بالالف الى ما لا يزيد عن 2,1 من كل الف طالب ) حسب تقارير صادرة عن الفافو و جمعية الخريجين الفلسطينيين والاتحاد العام لطلبة فلسطين ايضا  .

 

ورغم ان الاونروا كانت تقدم منحا دراسية لطلاب المرحلة الثانوية من أجل تغطية جزء من التكاليف بمعدل ( 40 $  ) فقط ، الا انها و منذ اواخر السبعينات لا تدفع اية نفقات في هذا المجال حيث يتحمل الطالب أعباء الاقساط و الكتب و القرطاسية و المواصلات بشكل كامل ، و هذا ادى ايضا الى زيادة عدد المتسربين من الطلاب و خاصة بعد اتمام المرحلة المتوسطة بسبب الاعباء المالية التي لا يستطيع الطالب تحملها قياسا الى أوضاع اللاجئين و تصل الاقساط أحيانا إلى 1500 دولار امريكي سنويا كما ذكرنا اعلاه   .

  •          أسباب تدني مستوى التعليم في مدارس الاونروا   

 

قبل الدخول في الاسباب الكامنة وراء تدني مستوى التعليم للطلبة الفلسطينيين في لبنان نود أن نوضح باننا طرحنا بعض الاسئلة على مجموعات طلابية وفعاليات تربوية فلسطينية واهالي و نقابيين تمحورت حول النقاط التي يجب ان نبحثها و نخلص الى نتيجة تسهم في تخفيف هذه المعضلة ، و تلك التساؤلات التي تم مناقشتها مع المعنيين و صرحوا لنا من خلالها ، وبكل رحابة صدر بكل مكنوناتهم ، من اجل تجاوز العوائق الموجودة في طريق بناء النشء تربويا فإننا نستطيع ان نرصد مجمل جوانب المعضلات التربوية للطلاب الفلسطينيين في لبنان و التي تعتبر أهم المسببات لتدني مستوى التعليم لدى اولئك الطلبة والتي ساهمت في توضيح اسباب تدني مستوى تعليم الفلسطينيين في لبنان حيث جاءت كما يلي   :

 

  -أولا : الفقر

 

يهيمن الفقر على لبنان بشكل عام وعلى المخيمات بشكل خاص . أضف إلى ذلك أن العمال والمهنيين الفلسطينيين لا يسمح لهم بالعمل بشكل شرعي ضمن المهن اللبنانية ومحلات البيع وغيرها. وهكذا فإنهم لا يستطيعوا تغطية مصارفات تعليم أبنائهم مما يدفع الطلاب إلى الدراسة والعمل وبالتالي يعرضهم لعدم الإهتمام بالمدرسة والتعليم ويصبحوا معرضين لخطر التسرب من المدرسة   .

 

و تبدو ظاهرة عمالة الأطفال في العديد من المخيمات و بوجوه متعددة ، حيث أن بعض الأطفال يعملون بشكل موسمي بينما البعض الآخر يعمل بشكل منتظم. ويتعرض الأطفال الذين يعملون في داخل المخيمات او في خارجها لظروف صعبة ومعاملة قاسية ومن السهل استغلالهم لأن ارباب العمل يعلمون أن هؤلاء الأولاد لا يملكون أية بدائل ولا يتمتعون بأية حقوق عمالية (نقابية) بموجب القانون اللبناني. لذلك فإن الإضطهاد الذي يمارسه أرباب العمل أصبح أمراً شائعاً ونجم عن ظروف العمل الصعبة صدمات جسدية ونفسية على هؤلاء الاطفال ، و لا ننكر وجود بعض حالات التسول بين الاطفال خارج الدوام المدرسي   .

 

  - ثانيا: اعداد المدارس   

ان احد ابرز أسباب تدني مستوى التعليم في مدارس الأنروا والزيادة المضطردة في اعداد المتسربين في المدارس و بالتالي انخراطهم المبكر في القوى العاملة ( ابتداء من 8 سنوات )، يعود إلى العوامل التالية  :

  - الاعداد المحدودة للمدارس وانحصار غالبيتها ضمن حدود المخيمات  .

  - الاكتظاظ داخل الصفوف حيث يبلغ عدد الطلاب في كثير من صفوف المدارس اكثر من خمسين طالبا  .

  - الحرمان من الأنشطة المرافقة للمناهج  .

  - 45 % من المدارس مستأجرة وتفتقر المدارس إلى الملاعب والتهوئة والإضاءة المناسبة  .

  -           معاناة الكثير من المدارس من نقص في كادرها التعليمي  .

 

  - ثالثا: عدم توفر المعلومات الدقيقة عن مناهج التعليم   

    هناك فجوة واسعة في المعلومات التي تربط بين مناهج التعليم في وزارة التربية والمدرسين بشكل عام وفي مدارس الاونروا بشكل خاص ، وهذا يدعو إلى التواصل بين الأطر التعليمية ودائرة  التربية في الانروا مع وزارة التربية اللبنانية لمواكبة التغييرات الحاصلة في منهجيات التعليم. كما يجب بذل الجهد من أجل الإطلاع المستمر على المعلومات النوعية خاصة فيما يتعلق بالحاجات التعليمية النظرية و التقنية و النفسية التي يجب ان يسير على أساسها المدرسون  لمتابعة حضور الطلاب و دوامهم في المدارس و متابعة جداول و معدلات اداء الطلاب منعا للتقصير في ايصال الرسالة التعليمية حسب البرامج المعدة المواكبة لأسس التطور التقني التعليمي الحديثة   .

 

  - رابعا : عدم توفر التقنيات الحديثة لمواكبة المناهج الجديدة  

     يجب توفر معلومات كافية حول التقنيات المتوفرة للنظام التعليمي المتطور والذي من المفترض أن  يزيد من طاقة مدارس الاونروا لمواجهة مستلزمات الطلاب في المدارس. وهذا يستدعي تزويد المدارس بمختبرات ، مكتبات ، ملاعب ، وسائل ايضاح ، اجهزة كومبيوتر ، اذاعة ، وسائل ترفيه حيث تفتقر المدارس إلى كل ذلك  .

 

  - خامسا:  نقص الاهتمام من قبل الادارة   

      ضرورة توفر الاهتمام الكلي والأمانة في تحمل المسؤولية بين العاملين في مجال التربية (مدرسين و استشاريين و مدراء و موجهين و واضعي مناهج ) تجاه الطلاب حيث تزداد الأخطار والعوامل التي تدفع بالطلاب إلى الإهتمام بجوانب بعيدة كل البعد عن رغبتهم في التعلم، فيتسربون او يتعرضون لخطر التسرب من المدارس للالتحاق بسوق العمل ، خاصة فيما يتعلق بمخاطر النمو التي تنجم عن بدء العمل في عمر مبكر بحيث لا يتمكن الاطفال من الحصول على دعم كاف في مجال التعليم و التوجيه، وحثهم على رغبة العلم ونيله مهما كانت الصعوبات  .

 

  - سادسا: عدم توفر دورات تأهيلية للمعلمين  

رغم ان مشاكل الطلاب في المخيمات و المشاكل التي تعاني منها مدارس الاونروا معروفة ومحددة من قبل الاطر التربوية و الاعلامية و مراكز الدراسات الفلسطينية و المنظمات غير الحكومية على المستويين الفلسطيني و الاقليمي ، الا انه لا يوجد خطة متكاملة لحل تلك المشاكل . و من هنا تأتي ضرورة اعداد الكادر التعليمي الذي سيكون على عاتقه وضع استراتيجية واضحة المعالم وسامية الأهداف تحقق مستويات رفيعة بين الطلبة حيث يقع على المعلمين العاتق الأساسي باعداد الاجيال اعدادا سويا. و هذا يتطلب ايضا دور فاعل لمركز التخطيط لدى الاونروا و الغائب بشكل عام منذ سنوات و لا دور له في تخطيط و تطوير التعليم الاساسي في مدارس الاونروا   .

 

و من هنا فان المعلمين و سائر الطاقم التعليمي من موجهين و مدراء و مفتشين يمكنهم ان يلعبوا دورا حاسما في الحد من تدني مستوى التعليم لدى الطلية و التقليل من خطر تسرب الاطفال خارج النظام التعليمي للالتحاق بسوق العمل ، او الرمي في الطرقات و حتى في السجون ، و هذا الدور يتطلب التصدي للأسباب الكامنة وراء تدني مستوى التعليم للطلبة الفلسطينيين في لبنان  .

 

  - سابعا: الظروف الطلابية

يتحمل الطلاب الفلسطينيون ، بطريقة مباشرة ام غير مباشرة ، جزءا لا بأس به من أسباب تدني مستوى التعليم بين صفوفهم ، ويظهر الاختلاف بين الاناث و الذكور ( 10 ـ 17 سنة ) في مجال تدني مستوى التعليم . فبعد تشجيع أهله ، و اهتمام معلميه و ادارة مدرسته ، يقع على عاتق الطالب نفسه حبه للمدرسة واهتمامه بأداء واجباته المدرسية والإبتعاد عن كل ما يسبب له من تقصير تجاه تحسين مستواه في المدرسة . ومن الواضح هنا ان الاولاد بشكل عام يقل اهتمامهم بالمدرسة و يتسربون كي يلتحقوا بسوق العمل لمساعدة اسرهم بينما البنات تتركن المدرسة بسبب القيود الاجتماعية او بسبب الزواج المبكر ، و في نفس الوقت فان نسبة الفتيات اللواتي تتركن المدارس باكرا ( 14 سنة ) و اللواتي لا تبقين في منازلهن بعد ترك المدرسة بل ينخرطن في اعمال محلية خفيفة خارج المنزل قد بدأت تتزايد خلال الخمس سنوات الاخيرة .. وبالرغم من ذلك فإن كلا من الفتيان والفتيات يتعرضون للإهمال ويعاني أغلبية من يتسربون من المدارس من الاوضاع والظروف التالية   :

  - فقدان الأمل بمستقبلهم ومستقبل أسرهم بسبب الشعور الدائم بعدم الإستقرار وعدم الامن وعدم الإنتماء  .

  - الشعور بعدم الأمن بسبب الأعمال العدوانية  .

  - الكآبة والقلق  .

  - الإحباط النفسي والإجتماعي الناتج عن الظروف المعيشية والصعبة  .

واقع الحال المتردي والموغل في الانحدار لمستوى التحصيل العلمي لأبناء شعبنا الفلسطيني في كافة مراحله في لبنان يفرض على الحريصين وقفة نقدية جادة لدراسة ومعرفة الاسباب والمشكلات التي أدت لذلك وإيجاد الحلول والمعالجة الناجحة لها. ومقارنة نظرية سريعة غير معتمدة على دراسات أو إحصائيات أو بيانات عما كانت عليه أمور التعليم بين الامس واليوم تظهر بوضوح جلي مدى التراجع الهائل الذي بلغ عند أبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان من شماله إلى جنوبه ومن شرقه لغربه، حتى بات في العقد الاخير مشكلة مقلقة يستعصي حلها نظراً للتعقيدات التي تشوب واقع الشعب الفلسطيني، علماً أنه عقد العديد من المؤتمرات في لبنان وفي أكثر من منطقة لمعالجة هذا الانحدار والتراجع على صعيد كافة مراحل التعليم، إلا أنه وللأسف الشديد لم تخرج بحلول واقعية ملزمة للمؤسسات المشرفة مباشرة والمكلفة رسمياً بهذا الامر الهام والحيوي لا من ناحية إيجاد الحلول العلاجية ولا من ناحية وقائية لوقف استمرار هذا النزف والتراجع  .

 

و من جملة ما تقوله زينة برجاوي في جريدة السفيرو تحت عنوان ( أطفـال المخيمـات فـي شتـاء الأيـام) في عددها الصادر يوم الثلاثاء، 13 كانون الأول، 2011 : (((....... أما في الصباح الباكر من كل يوم عاصف وممطر فيخرج الأطفال من منازلهم متوجهين إلى المدرسة. وبطبيعة «الهندسة المدنية» للمخيم المكتظ بالمنازل في أزقة لا تتسع للسيارات، يضطر الأطفال الى انتظار الحافلة التي تقلّهم الى المدرسة، على باب المخيم. إلا أن اجتياز الطريق من المنزل الى موقع انتظار الحافلة هو أقرب إلى المهمة المستحيلة واليومية. لكن، سرعان ما طوّع الأطفال صعوبة الوضع ليجعلوا من اجتياز المستنقعات المائية مدخلاً للترفيه، وهم يمسكون بمظلاتهم الصغيرة التي بالكاد تحجب أمطار الشتاء عنهم.تشير مريم، وهي أم لثلاثة أطفال، إلى أنها لم تعد تحبّذ فكرة إرسالهم الى المدرسة في الطقس الماطر. وتعزو السبب في ذلك إلى أن أطفالها يعانون من مرض الرشح طوال فصل الشتاء بسبب تبلّل ثيابهم بفعل الأمطار قبل الوصول الى المدرسة  .

     ويُشكّل رفع المظلة في المخيم خطراً على حياة الأطفال، في ظل تشابك الأسلاك الكهربائية في فضاء المخيم. ولتجنب اصطدامها بطرف المظلة، يبرز المثل «الحاجة أم الاختراع»، إذ تم استبدال المظلة بالكوفية الفلسطينية، وأحياناً، يضع البعض فوق رؤوسهم علبة من الكرتون تقيهم من مياه الأمطار.وتبقى الجسور الخشبية الممتدة من زاروب إلى آخر، مدخلاً مميزاً للمتعة إلى يوميات الأطفال. إلا أنهم، مهما تمايلوا على الجسور تجنباً للانزلاق، فقد اعتادوا الوصول الى برّ آمن نسبياً، بمفردهم، ومن دون أن يمسكوا بيد أحد  ......................)))

 

مما تقدم نرى أن استمرار هذا الواقع المتردي مسؤولية كبرى ينبغي التنبه إلى المخاطر الكثيرة لاستمرار واقع الحال هذا. ولا يغيب عن بالنا أن أسباب ذلك كثيرة ومتشعبة وسبل معالجتها ليست مستحيلة إن تضافرت جهود الحريصين.فالعلم والتعليم بكل فروعه ومستوياته هو أمضى سلاح على كل إنسان أن يسعى لنيل ولو جزء منه واكتساب ما أمكن منه ليرتقي بنفسه في معترك الحياة، ونحن أبناء الشعب الفلسطيني أحوج الشعوب لكسب العلوم بكل فروعها النظرية والتطبيقية، المهنية والتقنية لنصرة قضيتنا الوطنية واسترداد حقوقنا ومخاطبة العالم بمنطق الحقائق.

 

ونظراً للإنحدار الحاد والتدني والتراجع المتواصل في مستوى التحصيل العلمي لأبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان بكل مستوياته، نرى أنه لزاماً على الجميع خاصة العاملين في مجالات التربية والتعليم إيلاء الموضوع أهمية خاصة واستثنائية لمعالجة هذه المشكلة المتفاقمة بكل جوانبها وإعطائها الاولوية القصوى في البحث والتدقيق والاستعانة بمن يتمتعون بخبرات في هذا المجال لتشخيص اسبابها ومشكلاتها والمعوقات التي تقف عقبة أمام معالجتها وإيجاد الحلول الناجحة لها على كافة الصعد ومستويات التعليم وبالتعاون مع المؤسسات القيمة عليها خاصة (الانروا) كسلطة تربوية يقع على عاتقها الاشراف المباشر على دائرة التربية والتعليم الخاصة بالشعب الفلسطيني في لبنان، والاستعانة بأصحاب الخبرة والاختصاص من أخصائيين اجتماعيين وتربويين، مع الضرورة لإعطاء دور مشارك وفعال للجمعيات الاهلية الاخرى التي تعمل في هذا المجال.

 

قامت المدارس التي اسستها الوكالة الدولية الخاصة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين أي (الانروا) وما زالت بدور هام وأساسي في تأمين فرص التعليم لأبناء شعبنا الفلسطيني في لبنان، وهذا ما أتاح لأعداد كبيرة من تلقي التعليم والارتقاء بدرجاته إلى مستويات مشرفة والامثلة على ذلك كثيرة.

التراجع والانحسار النسبي لهذا الدور وما يشوبه من ثغرات في السنوات الماضية أدت بالتالي إلى تقليص الخدمات عامة التي كانت تقدمها الانروا وانعكاس سلبي في إنجاز العملية التربوية التعليمية بشكل سوي وتدني نسب النجاح في المدارس المشرفة عليها نتيجة لأوضاع مؤسسة الانروا نفسها بشكل شامل وانعكاس تقليص التقديمات والخدمات التي كانت تؤديها، أو القرارات الادارية والتعيينات التي تتم والناتجة عن تدخلات تتأثر محلياً أو إقليمياً والتي تفتقر للخبرة والقدرة والاختصاص للموظف، إضافة إلى بعض القوانين الملزمة والجامدة. إلا أن ذلك لا يلغي الدور الهام الذي قامت وما تزال تقوم به دائرة التربية والتعليم في الانروا بكل موظفيها، وهذا ساعد ومكن لشعبنا الفلسطيني من الصمود في مخيماته ومواقفه السياسية الرافضة للتوطين والمصممة على حقه في العودة.

 

وحتى لا تختلط الامور ارتأينا أن نعيد التأكيد بتسليط الاضواء على واقع التدني الحاصل بمستويات التحصيل العلمي وتراجعه مع الاشارة إلى أسبابه وسبل معالجته وعلى اولوية المدرسة ودورها (إدارة ومعلمين – مبنى وتجهيزات) والقيمين على العملية التربوية ودورهم والاهل (اولياء الامور) ومسؤوليتهم، وبما أن التلميذ هو محور هذه العملية، فسنحاول التركيز على الضوابط والصفات التي يجب أن يتحلى بها المتعلم لإنجاز العملية التربوية على أكمل وجه. هدفنا من ذلك المصلحة العامة لأجيالنا المستقبلية، شباب الغد ورجال المستقبل.

 

فمن المعروف أن مرحلة التعليم الاساسي تقسم إلى ثلاثة حلقات مترابطة ومتصلة وهي:

 

1-         الحلقة الاولى (اول أساسي حتى ثالث أساسي)

2-         الحلقة الثانية (رابع أساسي حتى سادس أساسي)

3-         الحلقة الثالثة (سابع أساسي حتى تاسع أساسي)

 

            وتدني مستوى التحصيل العلمي للمتعلم في هذه المراحل مترابط ومتصل والمعوقات التي تواجه معالجته واحدة، وارتأينا أن نحدد أسبابه مع إبداء إقتراحات لحلول ومعالجات علها تساهم في إغناء الأفكار وإيجاد حلول جذرية تؤدي للإرتقاء بهذه العملية لنحو أفضل.

 

أولاً: أسباب تتصل بالتلميذ والاهل في مرحلة التعليم الاساسي:

1-         عدم دخول كثير من التلاميذ رياض الاطفال.

2-         العدد الكبير من الاطفال في غرفة الصف خاصة في مرحلة الحلقة الاولى حيث يصل لخمسين طالب وما يزيد.

3-         صعوبة المناهج الجديدة وشموليتها وعدم قدرة كثير من الاطفال على استيعابها والتكيف معها.

4-         عدم التأسيس المناسب للطفل في الحلقة الاولى وهذا يؤدي لعدم اكتسابه مهارة القراءة والكتابة وتمييز الاشكال او تحديد صفاتها وبالتالي ترفيعه آلياً لمراحل الحلقات الاعلى حيث يجد نفسه مهمشاً حيث تنعدم الخطط العلاجية من قبل المدرسين والادارة والدائرة.

5-         دور الاسرة ولامبالاتهم والذي غالباً ما يتسم بالسلبية وعدم الاهتمام والمتابعة لأولادهم في البيت والمدرسة والحي، وانعدام المراقبة من قبلهم لدراسة ابنائهم وتحصيلهم ومسلكيتهم في المدرسة وخارجها وعدم تواصلهم مع ادارة المدرسة والمعلمين وتلبية الدعوات لاجتماعات مع المعلمين. حيث يلاحظ أن نسبة كبيرة من التلاميذ لا تنفتح حقائبهم المدرسية إلا داخل غرفة الصف (حيث لا ادوات كتابية وهندسية وخلافه).

6-         يضاف لذلك المشاكل الاجتماعية وانعكاساتها النفسية وآثارها السلبية على الابناء وتحصيلهم العلمي. ومن أهم اسباب ذلك الضائقة الاقتصادية وقلة الموارد وفرص العمل والحالة العامة للأوضاع التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في مخيمات لبنان عامة وحصار مخيمات الجنوب خاصة.

 

إقتراحات لمعالجات وحلول ممكنة:

1-         إستحداث رياض اطفال تستوعب الاعداد المتزايدة للأطفال لأن معظم رياض الاطفال بدأت تنتهج نظام الدفعتين (صباحية ومسائية) وتخفيض الرسوم المتوجبة على الاهل.

2-         خفض عدد الاولاد في غرفة الصف الواحد في مرحلة الحلقة الاولى خاصة وفي الحلقات الاخرى.

3-         استحداث مناهج تعليمية تسهل على الاولاد قبول ما يتلقاه وضمن قدرته الاستيعابية.

4-         وقف الترفيع للحلقات الاعلى إذا لم يكتسب الطفل المهارات الاساسية من قراءة وكتابة وتمييز للأشكال واستحداث خطط علاجية للأولاد بطيئي التعليم بلاستعانة بخبراء في هذا المجال حتى لا يجد المتعلم نفسه مهمشاً بين اقرانه في مراحل لاحقة.

5-         استحداث مجالس أهل في المدارس تلزم اولياء الامور بمتابعة شؤون ابنائهم مع ادارة المدرسة والمعلمين شهرياً كحد ادنى، ومراجعة ادارة المدرسة للاضطلاع على تحصيل ولدهم ومسلكيته والتزامه بما هو مطلوب منه.

6-         توزيع جوائز وهدايا على اعداد كبيرة من المتفوقين والناجحين كحوافز لاستمرارهم بالمثابرة على ذلك وحث اقرانهم لمجاراتهم.

7-         العمل على رفع الضين الذي يرسخ تحت وطأته معظم شعبنا الفلسطيني وتأمين فرص عمل شريفة تضمن الحياة الكريمة ومتطلبات الحياة للأبناء.

ثانياً: أسباب تتصل بالادارة والمعلم والجهاز التوظيفي:

1-         الترفيع الآلي للتلاميذ والتراخي في الرقابة على عمل الموظفين.

2-         إستعمال الطلاب من قبل الآذنة للقيام بمهماتهم خلال الدوام الرسمي.

3-         عدم وجود انظمة وقوانين تحد من سلبية بعض الطلاب ولا مبالاتهم.

4-         التنقلات المستمرة بشكل سنوي للمعلمين.

5-         الافتقار لسياسة توظيف تعتمد الكفاءة معياراً وتبتعد عن التداخلات والمحسوبيات.

6-         عدم اتباع نظام مراقبة شفاف من قبل الادارة والموجهين والمشرفين على كل ما هو متصل بالعملية العلمية.

7-         إنعدام الخطط العلاجية من قبل الموجهين التربويين للمواد التعليمية لحل العوائق والتقصير في مستوى الطلاب.

8-         الضغط الذي يتعرض له المعلم حيث يصل معدل عمله 28 – 30 حصة أسبوعية.

9-         التساهل من قبل الادارة مع الطلبة الغير منضبطين سواء داخل غرفة الصف أو في ساحة المدرسة.

10-       الروتين الاداري والبيروقراطي الذي يؤدي إلى تأخير في تأمين الحاجات الضرورية للمدرسة في العطلة الصيفية (كتب – مقاعد – تجهيزات – نقص المعلمين وغيرها)

11-       النقص الواضح في الاختصاصات للمعلمين خاصة في مرحلة الحلقة الثالثة (فيزياء – كيمياء – بيولوجي) والتداخل في المواد التعليمية كأن يدرس المعلم مادة ليست من اختصاصه.

12-       النقص في طاقم الهيئة التدريسية لمدة تزيد عن شهرين في بداية كل عام دراسي.

13-       السياسة العامة لدائرة التربية والتعليم التي تحدد سقف الحصص للمعلم بحده الاقصى وعدد المعلمين في كل مدرسة حيث يضطر المعلم لتأمين التصوير وكل ما يتصل من وسائل بنفسه لسير الدرس.

14-       نقص الامن الوظيفي للمعلم ومحاولات الاعتداء التي تعرض لها زملاء.

   إقتراحات حلول ممكنة:

1-         وقف الترفيع الآلي وتشديد الرقابة على عمل كافة الموظفين بعملية التربية والتعليم، وإيجاد خطط علاجية لبطيئي التعلم وللراسبين خلال عطلة فصل الصيف وتحديداً لاكتساب مهارة القراءة والكتابة في مرحلة الحلقة الاولى وتقوية اللغة العربية والاجنبية في مراحل الحلقات الاخرى.

2-         بتأمين مباني تستوعب الاعداد المتزايدة للشعب الفلسطيني والانسب ان تكون بعيدة عن ورش العمل واكتظاظ الحركة وقريبة لأطراف تجمعات ابناء الشعب الفلسطيني في المجتمعات.

3-         وضع انظمة داخلية تحفظ النظام العام في المدارس لتأمين جو تعليمي صحي يحد من سلبية بعض التلاميذ وعدم التساهل مع الغير منضبطين.

4-         إعتماد سياسة توظيف معيارها الكفاءة والرجل المناسب في المكان المناسب ووقف التنقلات خلال العام الدراسي وإنجاز استكمال فريق الهيئة التدريسية خلال فترة العطلة الصيفية وتأمين حاجات المدارس مسبقاً (معلمين – مقاعد – كتب... إلخ).

5-         وضع الخطط العلاجية من قبل مركز التطوير التربوي وبمشاركة الموجهين للمواد التعليمية.

6-         تخفيف ضغط العمل الذي يتعرض له المعلم وفقاً لمبدأ تناقض الحصص وإشعاره بالأمن الوظيفي وحمايته نقابياً ومساواة نظام التوظيف بين الجميع وفقاً للدرجات وليس الفئات.

7-         العمل على توظيف معلمين ذات اختصاصات محددة ووقف سياسة ان يعلم الموظف كافة المواد.

            هذه الامور إذا ما عولجت وتم زيادة اعداد المباني التي تتوفر فيها كل الشروط اللازمة للإستخدام المدرسي وتزويدها بالتجهيزات اللازمة لإنجاز العملية التعليمية من مختبرات - مكتبات – اجهزة كمبيوتر – وسائل سمعية وبصرية، بحيث تتيح للمعلم القيام بعمله حسب المنهجية المقررة على اكمل وجه وانتفاء ظاهرة الدفعتين في الدوام الرسمي عوام من شأنها أن تساعد على التدني الحاصل بالمستوى العلمي.

    أسباب تتعلق بالمباني المدرسية وأهليتها:

1-         المباني المدرسية الحالية بعددها لا تكفي لاستيعاب الاعداد المتزايدة، اضافة الى تصميمها الهندسي الذي يفتقر للإضاءة اللازمة، ومكان وجودها غالباً ما يكون بمحاذاة ورش صناعية.

2-         الكثير من المدارس يحتاج إعادة ترميم وصيانة وتأهيل.

3-         معظم المدارس تفتقر للتجهيزات اللازمة (مختبرات – مكتبات – اجهزة كمبيوتر – ملاعب – ساحات)

4-         تصميم المدارس القائم، غرف الصف كبيرة المساحة حيث يتاح أن يستوعب الصف الواحد خمسون طفلاً وما يزيد وهذه الظاهرة موجودة منذ ما يزيد عن العقدين.

5-         الافتقار لموظفين يهتمون بشؤون الطلاب ومرشدين اجتماعيين ذوي اختصاص في كل مدرسة، وأذنة تلتزم بالمهام الملقاة على عاتقهم حسب النظام.

   رابعاً: أسباب تتصل بالمنهاج الدراسي المقرر:

1-         عدم تمهيد المناهج المقررة في رياض الاطفال بما يخدم مرحلة الحلقة الاولى من التعليم الاساسي ومناهجها القائمة.

2-         عدم تدريب المدرسين على المنهجية الجديدة وإقامة ورش العمل التربوية الدورية.

3-         شمولية المناهج الجديدة بدءاً من الحلقة الاولى وكثافتها.

4-         قلة أو انعدام التجهيزات اللازمة للمساعدة على التطبيق المقبول لما هو مقرر في المناهج القائمة.

5-         الاهمال المتعمد وعد اعطاء الاهمية  اللازمة بالرياضة والفنون نظراً لعدم وجود موظفين مختصين في هذه المجالات.

6-         انعدام تطبيق انشطة لا منهجية ولا صفية كعوامل تساعد في المواد التعليمية المختلفة.

7-         التغييب المتعمد للقضية الفلسطينية بكل ابعادها التاريخية والجغرافية.

إقتراحات لحلول ومعالجات ممكنة:

1-         العمل على ضرورة التنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني التي تقوم بالاشراف على الروضات المتعددة في مخيمات شعبنا الفلسطيني في لبنان كي يكون برنامج عملها يمهد لمرحلة الحلقة الاولى في التعليم.

2-         إقامة الدورات السنوية للمعلمين وتكثيف ورش العمل بإشراف اخصائيين تربويين لزيادة قدرات المعلم ومؤهلاته.

3-         تزويد المدارس بما يلزم من تجهيزات تساعد على تطبيق المنهاج التعليمي المقرر.

 

4-         تخفيض عدد التلاميذ في غرفة الصف بحيث يستطيع المعلم أن يوزع اهتمامه لكل مستويات التلاميذ وقدراتهم الذهنية.

5-         تنمية القدرات الشخصية للاطفال وتشجيع المبدعين وتوفير ما يلزم لتنمية المواهب الرياضية او الفنية.

6-         تشجيع القائمين على عملية التعليم على تطبيق الانشطة اللامنهجية واللاصفية لما يمكن أن يستفيد المتعلم منها بالإستعانة بالمختصين بذلك.

 

إضافة إلى ما ورد فلا يغفل عن بالنا الدور الاول والمميز للأهل في المساعدة الفعالة لإنجاز كل ذلك، فعلى عاتقهم تقع تلقي مبادئ التربية الاولى للابناء، ومن خلال متابعتهم لأولادهم واهتمامهم لمسلكيتهم في البيت والحي، وحثهم على مراجعة دروسهم يومياً وإنجاز فروضهم ومراقبة ذلك من خلال الاضطلاع على الاجندة الخاصة بهم، وملاحقة تحصيل ولدهم تعليمياً وتربوياً مع إدارة المدرسة والهيئة التدريسية ولو شهرياً كحد ادنى لمعرفة مدى تحصيل ولدهم العلمي وسلوكه الشخصي. فشعبنا الفلسطيني الذي أثبت صموده الاسطوري عبر عقود الصراع رغم ظروف غاية في القسوة (إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً وأمنياً) ليس له إلا العلم والمعرفة كي يبقي قضيته الوطنية حية متقدة الجذوة حتى يحقق الانتصار وينتزع حقوقه المغتصبة في وطنه فلسطين ويخاطب العالم بمنطق الحق والحقائق.ومما لا شك فيه أن للبيئة الاجتماعية التي ينمو فيها اولادنا تأثيرات كبيرة تترك انعكاساتها على حياتهم كما هو الحال بالنسبة للأهل (الاسرة) وأوضاعهم العامة الاجتماعية والاقتصادية.

خامساً: مشكلات تتعلق بالبيئة الاجتماعية والاسرة:

1-         واقع البيئة الاجتماعية وما يشوبها من كثافة وما تتعرض له من ضغط وحصار وأحداث أمنية تؤدي لعدم استقرار.

2-         التروح من منطقة لأخرى نتيجة أوضاع أمنية أو اقتصادية لأعداد كبيرة من الاسر والاقامة في اماكن تفتقر لكل شروط الحياة الكريمة.

3-         الظروف الاقتصادية الخانقة وفقدان فرص العمل وما تتركه من انحرافات سلبية.

4-         اوضاع الكثير من الاسر الاجتماعي والثقافي وانعكاس ذلك سلباً على الابناء.

5-         ضعف ثقافة الاهل بأهمية التحصيل العلمي للأبناء، وانعدام إقامة ندوات تشعر الاهل بأهمية ذلك.

6-         إنعدام التنسيق بين مؤسسات المجتمع المدني ومؤسساته والافتقار لمراكز ثقافية.

7-         لجان الاهل في المدارس شكلية ولا تقوم بدورها المطلوب.

دمج الاطفال الفلسطينيين المعوقين في المدارس

 

بلغ عدد المعوقين الفلسطينيين في لبنان حوالي 4000 شخص ما بين ذكر وانثى استنادا للإحصاء والمسح الذي اجراه مكتب الاحصاء المركزي الفلسطيني عام 2009 ، وبينما اعتمدت النتائج على عدد فعلي للفلسطينيين في لبنان الموزعين على 12 مخيما وبعض التجمعات من بين ما يزيد عن 400000 فلسطيني مسجل لدى الاونروا ،  و مع زيادة اعداد الفلسطينيين حسب احصاءات الاونروا التي زادت عن الـ 407 آلاف لاجئ مسجلين على سجلاتها ، نرى ان نسبة المعوقين الفلسطينيين في لبنان و التي تقارب 5 و2 % من مجموع العدد الفعلي للسكان قد زادت ايضا ، و قد زاد العدد  الى اكثر من 4000 معوق و معوقة حسب تقديرات متعددة حتى نهاية العام 2010 ،  مما يجعل هذه النسبة من اعلى النسب في العالم. و يعود السبب في العدد الكبير من الاعاقات الى الحروب المتعاقبة التي مر بها الشعب الفلسطيني في لبنان خلال ثلاثة عقود متعاقبة من القرن الماضي ( ما بين 1960 الى 1990 ) اضافة الى الامراض وسوء التغذية واسباب اخرى.

 

ومن بين هذا العدد الكبير للمعوقين الفلسطينيين في لبنان كان قد سجل لدى هيئة الاعاقة الفلسطينية خلال العام 2005 ما يقارب من (640) طفل وطفلة ما بين عمر 3 الى 15 سنة لا زالوا خارج النظم المدرسية اكان ذلك في المدارس او في رياض الاطفال ، اضافة الى عدد غير محدد من الطلاب المعوقين المتسربين من المدارس والذين لم يستطيعوا اكمال المراحل الدراسة اكانت اساسية او ثانوية، اذ يعود ذلك لصعوبات اقتصادية واجتماعية وتربوية واجهت مسيرة حياتهم لتمنعهم من متابعة الدراسة النظامية في المدارس الموجودة في جميع المناطق اللبنانية.

 

عانى المعوقون الفلسطينيون في لبنان ، بمختلف فئاتهم العمرية ، من اوضاع اجتماعية واقتصادية صعبة، ولم يبرز الاهتمام بهم الا منذ العام 1995 حيث بادرت بعض المؤسسات الاهلية والدولية بالاهتمام بالمعوقين الفلسطينيين كلُّ لغايته وكل لاسبابه الخاصة. اضافة لما بات يعرف بالمؤسسات غير الحكومية المتواجدة في غالبية التجمعات و المخيمات الفلسطينية ، فقد حرصت منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني  مع وكالة الاونروا كمؤسسة دولية معنية باغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حسب قرار تأسيس تلك الوكالة ، وجمعية المساعدات الشعبية النرويجية ، التي تتخذ مقرا اساسيا لها في بيروت، على الاهتمام اكثر (مجتمعين) بتغطية بدل اطراف اصطناعية و سماعات ونظارات طبية اضافة الى انواع متعددة من العلاجات، فيما بادرت مؤسسة التعاون الى التكفل بمشروع هام و كبير اتفق على تسميته (مشروع تحسين التحصيل العلمي للاطفال المعوقين الفلسطينيين في المخيمات والتجمعات الفلسطينية)، حيث اطلقت  تلك المؤسسة ايضا برنامجها بعمل دورات تاهيلية لكادر المؤسسات العاملة في المشروع وعددها ثمانية موزعة على كافة المناطق اللبنانية تقريبا ، اضافة الى برامج متواصلة لتدريب المربين والمربيات على كيفية التعاطي مع المعوقين مهما كانت اعاقتهم من حيث النوع او من حيث الشدة .  ويستمر المشروع حسب خطة ( التعاون) حوالي 3 سنوات جددت اخيرا ستة اشهر مع احتمال وصول المدة الى اربع سنوات كحد اقصى .

 

واخذت الاونروا على عاتقها و بالتنسيق مع مؤسسة التعاون ايضا تدريب اساتذة يتم توزيعهم على ما لا يقل عن عشرين مدرسة في المناطق اللبنانية كافة ، وهذا المشروع يتم تنفيذه بالتنسيق المباشر والميداني من قبل هيئة الاعاقة الفلسطينية التي تشكل مظلة غير سياسية لـ 18 جمعية ومؤسسة تعمل في مجال الاعاقة وتقدم الخدمات للمعوقين الفلسطينيين كل حسب امكانيته وحسب برامج خدماته وقدراته المادية والمعنوية ، فيما تقل الخدمات نوعا ما في منطقة البقاع اللبناني بمخيمه الوحيد و تجمعاته العديدة.

 

على المستوى التربوي الاشمل لا توجد مدارس خاصة بالمعوقين الفلسطينيين وحدهم، بل تعمل قلة من مدارس الاونروا على استيعاب جزء بسيط من الاطفال وبأنواع محددة من الاعاقات ، يترافق ذلك مع تغطية نفقات محدودة لعدد قليل من الطلبة ذوي الاعاقات السمعية والبصرية والتخلف العقلي بالاتفاق مع مؤسسات اهلية فلسطينية ولبنانية وهذه "المكرمة الاونرواتية " لا تكفي اطلاقا بان تحل جزء من مشكلة  العشرات بل المئات من الاطفال الفلسطينيين الذين لا زالوا ينتظرون دورهم وحقهم في نيل العلم بعد انجاز دورات التاهيل للمربين المقررة لاساتذة الاونروا اضافة  لما ذكرناه  من قرار تجهيز لما يزيد على عشرين مدرسة في مختلف المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان .

 

فيما يتعلق بالتشريعات الدولية فقد اقرت شرعة حقوق الطفل في المادة 23 على اعتراف الدول بـ ( حق الطفل المعوق في التمتع برعاية خاصة وتشجع وتكفل الطفل المؤهل لذلك وللمسؤولين عن رعايته تقديم المساعدة التي تتلاءم مع حالة الطفل) ، و هذا الاقرار ملزم لكل الدول الموقعة على الاتفاقية ، من ناحية اخرى و فيما يتعلق باعلان اسبانيا( اعلان سلامتكا 1994 ) اكد على " ان لكل طفل حقا اساسيا في التعليم ويجب ان يعطي فرصة بلوغ مستوى مقبول من التعليم والمحافظة عليه، وان ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة يجب ان تتاح لهم فرص الالتحاق بالمدارس العادية التي ينبغي ان تهيئ لهم تربية محورها الطفل وقادرة على تلبية تلك الاحتياجات"، طبعا المترافق مع توصيات ومقررات المؤتمر العربي للتعليم للجميع (القاهرة 2000) والمنتدى العالمي للتعليم للجميع (دكار 2000). وقد اكدت جميع المؤتمرات على دمج الاطفال في المدراس  العادية وذلك للحد من التمييز بين الطفل المعوق والطفل غير المعوق في الاسرة والبيئة المحلية بما فيها طبعا المدرسة، وهذا ما شجعت عليه تقاليدنا العربية ومآثرنا الاسلامية المليئة والزاخرة بالفضائل التي تحت على العناية بالاطفال الاضعف (... المسافر حتى يعود والمريض حتى يشفى والصغير حتى يكبر...) ، فكيف إذا كان الصغير يحتاج الى رعاية واهتمام خاصين .

 

و رغم المقررات الدولية والانسانية وشرعة حقوق الطفل والمؤتمرات التربوية العربية والدولية التي ناقشت بأغلبيتها ، ان لم يكن جميعها ، وضعية الطفل المعوق وامكانية دمجه مع أقرانه غير المعوقين ، فإن الطفل الفلسطيني المعوق لا زال يكابد هو وأهله من أجل أن لا يحرم من حقه بالتعلم ، وهذا ما طالبت بتنفيذه ورش العمل التي تقوم بالاشراف عليها هيئة الاعاقة الفلسطينية في كافة مناطق لبنان ، إذ طالبت المربيات اللواتي حضرن مع زملائهن كادر مؤسسات المجتمع الفلسطيني في  سبع ورش متنوعة على الاقل ( كنت جزءا من معظمها ) طالبن مع الاهالي بالعمل بالتوصيات التالية :

-           ضرورة تأهيل الكادر التعليمي لرياض الاطفال و مدارس الاونروا على كيفية التعاطي مع الاطفال المعوقين لمختلف الاعاقات.

-           ضرورة توعية الاهل على التعاطي الايجابي والمشجع لاطفالهم المعوقين دون خوف ولا خجل.

-           ضرورة تجهيز رياض الاطفال ومدارس الانروا على كل ما يحتاجه الطفل المعوق المنوي دمجه بها مع إجراء كامل التعديلات على المباني ووسائل الايضاح التربوية والمناهج .

-           ضرورة تأمين المستلزمات الشخصية للأطفال المعوقين ( كراسي ، نظارات ، سماعات ، اجهزة تقويم ، عكاكيز ، احذية طبية ...) وذلك من أجل إزالة المعوقات من امام الطفل المعوق تسهيلا لتنقله من وإلى البيت والمدرسة.

-           ضرورة إقامة حملات التوعية لمحيط الطفل المعوق وبيئته التي تشمل الأهل والجيران والاصدقاء والحي والمجتمع من اجل تقبل الطفل المعوق مثله مثل اي طفل آخر.

-           ضرورة تجهيز المرافق الصحية والخدماتية من أجل ان ينال الطفل المعوق حقه دون عوائق.

-           ضرورة ايجاد مركز مصادر معلومات مختص يتضمن  كل ارشادات وتوجيهات ومراجع ومستشارين ووسائل الايضاح والتعليم الخاصة بالاطفال المعوقين تسهيلا للعملية التربوية الدامجة

-           ضرورة تطبيق كامل المقررات المحلية والعربية والدولية المؤكدة على حق الطفل المعوق في الصحة والخدمات والتربية .

-           ضرورة تعزيز التوعية الصحية للأهل مترافقة مع دور المجتمع المدني الفلسطيني المشجع على التضامن والتكافل وتكافؤ الفرص والمساواة.

-           ضرورة مواكبة اي تطور لاليات وتقنيات تنفيذ مشروع الدمج في رياض الاطفال والمدارس .

-           ضرورة تعميم البرامج التعلمية والتربوية المتناسبة مع الطفل الفلسطيني عموما والمعوق على وجه الخصوص .

-           ضرورة إزالة المفاهيم السلبية الخاطئة من افكارنا وذلك كخطوة لمنع التلوث الفكري عن شعبنا تجاه الاطفال المعوقين باعتبارهم افراد اساسيين بالمجتمع مثل غير المعوقين .

-           ضرورة تدعيم المؤسسات العاملة في مجال الاعاقة لمواكبة سير عملية الدمج ومتابعتها من اجل تأمين خدمات صحية وعلاجية للاطفال المعوقين.

   هذه التوصيات وغيرها عشرات من التوصيات نضعها برسم المسؤولين عن شعبنا سياسيا وإغاثيا  ومن جميع النواحي ، وما تنفيذ هذه التوصيات إلا خطوة كبيرة وجبارة في الاتجاه الصحيح منعا لحرمان ما يزيد عن 640 طفلا من نيل حقهم بالتعليم ، إضافة الى ان هذه التوصيات جمعت من مناطق مختلفة تضم في جغرافيتها عشرات العائلات الحريصة على أبنائها وبناتها المعوقين والمعوقات تماما كحرصها على ابنائها وبناتها غير المعوقين فإن المرتجى والمأمول والمتوقع من كل من يهتم بالشريحة الاساسية من الفئات العمرية المتنوعة وهي مرحلة الطفولة بأ، يتم التعاون والتعاضد يدا بيد لأننا نحن الفلسطينيين احوج ما نكون بحاجة للمضي قدما بخطوة ايجابية في الاتجاه الصحيح ونحن بحاجة ماسة من هؤلاء المهتمين بان يلبون ثلاثة انواع من الاحتياجات حرصا على اطفالنا:-

-           التوعية المجتمعية على المستوى الثقافي العام .

-           تطبيق التشريعات الداعمة لحقوق الطفل وخصوصا التربوية بالضغط على من يمتلك القرار.

-           ارشاد الوالدين وتدريب افراد الاسرة جميعا على افضل الطرق للتعامل مع اطفالهم المعوقين وهذه الاحتياجات الثلاثة تكون مدخلا مهما وكبيرا نحو تطبيق توصيات المربين والمربيات التي سبق رفعها في ورش العمل وذكرناه اعلاه ، ولا نعتقد ان ذلك صعبا على جمعيات اهلية  تعمل في المخيمات والتجمعات الفلسطينية خصوصا ان كثيرا من تلك الجمعيات و المؤسسات لها باع طويل في العمل الاهلي ان على الصعيد التربوي والصحي او الخدماتي و الاجتماعي ، او كان في مجال العمل مع فئات مختلفة من ناحية العمر (اطفال – شباب – مسنين) او من ناحية الجنس (ذكور – اناث)، حيث تصب جميع الينابيع في النهر الفلسطيني الخالد الذي يخدم اولا وثانيا وعاشرا ودوما المجتمع الفلسطيني النابض قلبه بالايمان بان لاحياة مع الياس ولا ياس مع الحياة.

امثلة على انشطة لبعض مدارس الاونروا في نهاية العام الدراسي الماضي 2011 – 2012 :

•          اقامت  مدرسة صفد الابتدائية للبنين في مخيم عين الحلوة بالتنسيق والتعاون والشراكة مع جمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية مفوضية صيدا،وجمعية سما للتنمية، والحق في اللعب (RTP)، ومركز المخيم الثقافي ، وبيت الصمود/عين الحلوة بتقديم حفل اختتام مشروع التقوية/الدعم الدراسي 2011-2012 تحت عنوان "كول صح .... لصحة اصح " والذي تضمن تقديم العديد من الفقرات: العاب رياضية متنوعة الى رسم فني وعلى الوجه، عرض رقصات فلوكلورية وتراثية فلسطينية بالاضافة الى توزيع جوائز للطلاب الذين تميزوا في مسابقة القراءة في اللغة العربية للحلقة الاولى مقدمة من الجمعيات المشاركة

•          اختتمت مدرسة المنطار فصلها التربوي التعليمي الاول في حفل تربوي اجتماعي فني شامل تخلله كلمات و توزيع جوائز على التلامذة المتفوقين  في المدرسة. وفي التفاصيل فقد اقامت مدرسة المنطار الابتدائية للبنين في مخيم عين الحلوة نشاطا تربويا اجتماعيا في ختام الفصل الدراسي الاول حيث حضره فعاليات من مخيم عين الحلوة  ومن المؤسسات التربوية والاجتماعية و الكشفية و من اللجان الاهلية و الشعبية الناشطة في المخيم ، و مدراء مدارس وممثلو مؤسسات تربوية و اجتماعية اخرى و مدرسين و مدرسات من المدرسة و من الجوار و حشد غفير من الاهالي ، حيث بدأ الاحتفال بآيات من القرآن الكريم تلا ذلك كلمة لمديرة المدرسة اكدت فيها على اهمية العلم و التعليم للتلامذة الفلسطينيين و عرضت لبرامج  وانشطة المدرسة و فعالياتها التربوية والتعليمية خلال هذا العام الدراسي والتي كان اهمها مشاريع تتعلق بالكشافة و الرياضة و الفولوكلور الفلسطيني اضافة الى الانشطة التربوية و التدعيمية التي اشرفت عليها و تابعتها مباشرة و من خلال استاذ التدعيم الدراسي الذي اكد بدوره على اهمية العلم و الدور المنوط بالاهالي و المرجعيات التربوية و لجان المجتمع المحلي الفلسطينية بالمحافظة على التلامذة و الاهتمام بتربيتهم و تعليمهم وعدم اضاعتهم بين الازقة و في الطرقات .

خلاصة: هذه الاسباب تتداخل ببعضها إذ أن العملية التربوية التعليمية تتأثر بكل ما ورد وتتصل وتتشابك بتشعباتها حيث أنها ترتكز على التلميذ والمعلم والاهل وتتأثر بالبيئة الاجتماعية والبناء والمناهج المقررة، وهي تحتاج للتعاون والتكامل للنهوض بها إلى الامام من اجل تحسين مستوى التحصيل العلمي للأجيال القادمة، وهذا يتطلب من الجميع تحمل مسؤولياتهم والاستفادة من كل ما هو ممكن ومتاح ووضع الحلول العلاجية وكحد أدنى الحلول الوقائية لوقف استمرار هذا التدهور والانحدار بمستوى التحصيل العلمي، وللبحث صلة!!.

           

رضوان عبد الله