متانة العلاقات اللبنانية الفلسطينية تفشل أهداف تفجير برج البراجنة

 

ودعوات للقاءات تنسيقية رسمية وشعبية وشبابية

وسام محمد- بيروت

لم يكن استهداف الأبرياء في برج البراجنة هو الهدف الوحيد من التفجير الإرهابي الذي هز منطقة عين السكة في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت يوم الخميس الماضي 13/11/2015، وإنما الهدف الأساسي والأهم هو ضرب العلاقة الفلسطينية اللبنانية وإشعال الساحة اللبنانية بحرب ومواجهات لبنانية فلسطينية طويلة الأمد.

 

وقع الانفجار وارتقى عشرات الشهداء والجرحى، ونجحت الخطوة الأولى من المشروع وبدأ العمل بالخطوة الثانية التي تتمثل بإثارة الرأي العام اللبناني وأهالي الشهداء ضد اللاجئين من خلال التركيز على معلومة "أن هناك مخيمًا فلسطينيًا ملاصقًا لمنطقة الحدث"، ثم انطلقت الخطوة الثالثة وهي الإعلان الكاذب عن التعرف على هويات الانتحاريين ومن بينهم فلسطينيين".

 

انتشر الخبر كالنار بين الهشيم، في حين انتظرت الجهات الإرهابية وقوع المخطط المحضر له، وهو غضب لبناني باتجاه الفلسطينيين في مخيم برج البراجنة ثم التعرض لأهالي المخيم والثأر منهم، مما يؤدي لإشعال فتنة لبنانية فلسطينية طويلة الأمد تبدأ بالرد والثأر لدماء الشهداء المظلومين.

 

 سقط المشروع عند وعي القيادة اللبنانية والفلسطينية التي تداعت بعد نصف ساعة من الانفجار إلى اجتماع عاجل لبحث الموضوع ومنع وقوع الفتنة، ونجحت قيادة حزب الله وحركة أمل من ضبط الأمور وتهدئة النفوس عند أهالي الشهداء، ولعبت القيادة اللبنانية دورًا مميزًا في تهدئة الأمور وإبعاد الاتهام المباشر عن الفلسطينيين، وأكد حزب الله وقيادته على العلاقة الأخوية المميزة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، وأن هذه الاتهامات السريعة والعاجلة لا تخدم سوى المشروع الإرهابي الذي حاول الايقاع بين الشعبين.

 

خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم السبت 14/11/2015،  كان له دورٌ بارزٌ بتنفيس الاحتقان ضد الفلسطينيين وتوضيح الفتنة التي كانت تحضر للشعبين اللبناني والفلسطيني، بعد أن كشف تفاصيل المخطط الذي كان يحضر للشعبين اللبناني والفلسطيني، وأن القائم على العملية اختار المنطقة بدقة وعناية بهدف ضرب العلاقة اللبنانية الفلسطينية .

 

وأكد نصر الله أنه لا يوجد بين الانتحاريين أي فلسطيني، مطالبًا اللبنانيين بعدم خلط الأمور والانتباه للمشاريع التي تحاك للقضية الفلسطينية وأهلها، مؤكدًا على العلاقة الأخوية مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه ويقاوم الاحتلال الإسرائيلي.

 

وفي المقابل، أعلن اللاجئون الفلسطينيون ومنذ اللحظة الأولى للانفجار رفضهم للجريمة البشعة وإدانتها، وأعلن في مخيم برج البراجنة عن دعوات للتبرع بالدم لجرحى التفجير، وقام العشرات من الشبان الفلسطينيين بالتوجه إلى مكان التفجير للمساعدة في إسعاف الجرحى وانقاذ المصابين، وعمل العشرات من الأطباء الفلسطينيين إلى التوجه إلى المستشفيات اللبنانية للمساهمة في تقديم العلاج، في حين نشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت عنوان " هنا الضاحية... هنا فلسطين"، للتأكيد على العلاقة الأخوية المميزة التي تربط الشعبين اللبناني والفلسطيني.

 

بدورها، عبرت الفصائل الفلسطينية كافة عن إدانتها الشديدة لهذه الجريمة البشعة، وقدموا واجب العزاء للشهداء وذويهم من خلال التواصل مع القيادات اللبنانية وزيارة جرحى التفجير في المستشفيات، وتلقى السيد حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري اتصالات هاتفية من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل واتصالًا من اسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.

 

 وأعلن الرئيس نبيه بيري عن تلقيه اتصالات هاتفية أيضًا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وعددًا من القيادات الفلسطينية، وأوضح الرئيس بري خلال جلسة تشريعية في 13/11/2015 وأمام النواب "أن لا علاقة للفلسطينيين في التفجير الانتحاري وأن الانتحاريين ليسوا فلسطينيين".

 

اللجان الأمنية داخل المخيمات اتخذت خطوات عاجلة تقضي برفع الجهوزية الأمنية والمراقبة الشديدة للمشتبه بهم، وقررت اللجان الأمنية إجراء مسح شامل لعدد من المنازل داخل المخيم بالتنسيق مع القوى الأمنية بهدف منع دخول أي مطلوبين للمخيم.

 

 

 

وأمام هذا التصرف العقلاني الفلسطيني، لا بد من الاشارة إلى موقف الفلسطينيين تجاه الشعب اللبناني والدولة اللبنانية والذي أعلن أكثر من مرة لا سيما في المبادرة الفلسطينية اللبنانية التي انطلقت في أذار 2014 لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان، حيث يؤكدون الفلسطينيون دومًا على الآتي:-

 

الفلسطينيون في لبنان يرفضون الارهاب بكافة أشكاله، ويرفضون استخدام العنصر الفلسطيني في أي حدث أمني ضد الدولة اللبنانية والشعب اللبناني.

 

اللاجئون الفلسطينيون يدعمون وحدة لبنان وأمنه واستقراره ويعملون على تعزيز العلاقات اللبنانية الفلسطينية.

 

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يحترمون السيادة اللبنانية والقوانين اللبنانية، وهم صلة وصل بين جميع الفرقاء في لبنان ومساحة للتلاقي اللبناني-الفلسطيني.

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان متمسكون بحق العودة إلى ديارهم الأصلية في فلسطين ويرفضون التوطين أو التجنيس.

 

تتميز العلاقة الفلسطينية اللبنانية بروح الأخوة والمحبة بين الشعبين الشقيقين الذين تربطهم علاقات القرابة والمصاهرة، كما تتميز العلاقة بين الفصائل الفلسطينية والأحزاب والقوى والدولة اللبنانية بالاحترام المتبادل بين الطرفين.

 

وفي المقابل، وبعد تفجير برج البراجنةـ يترتب على القيادة اللبنانية والفلسطينية إجراء لقاءات تنسيقية ميدانية للمباشرة بتطبيق مطالب الطرفين، حيث يترتب على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان العمل الجاد على تطبيق واجباتهم بشكل كامل كلاجئين ضيوف في لبنان، في حين يترتب على الدولة اللبنانية والأحزاب اللبنانية إعطاء اللاجئين الفلسطينيين كافة حقوقهم والتي تتلخص على الشكل الآتي:-

 

    تفعيل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التي تتبع للحكومة اللبنانية

    اعطاء الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين

    مد جسور التواصل الأخوية بين الشعبين، وبناء جمعيات صداقة لبنانية فلسطينية تهدف إلى تقوية العلاقة بين الطرفين

    فتح أبواب التعامل مع الفلسطينيين من كافة الأبواب وعدم حصرها بالجانب الأمني فقط

    وضع استراتيجية اقتصادية بين الطرفين تعمل لتشغيل اللاجئين وتمكينهم من العمل بحرية