رأي الشارع في برلين حول المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، هل تستمر ام لا ؟

 
 
تمضي المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس بخطى ثابتة ، منذ زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني إلى غزة، ثم توقيع الاتفاق قبل أيام في القاهرة ،راعية المصالحة الفلسطينية ، وصولا للإعلان عن زيارة تاريخية للرئيس عباس الى قطاع غزة خلال شهر، لتدشين اتفاق المصالحة في خطوة رمزية تؤكد ترجمة الاتفاق على الأرض. ورغم شكوك جهات عديدة بإمكانية نجاح الاتفاق ، بما فيها جهات فلسطينية “شعبية ورسمية” ،ارتباطا بمالات اتفاقات سابقة كان مصيرها الفشل ،إلا إن كثيرا من المؤشرات تدل على أن إمكانية استمرار ونجاح الاتفاق اكبر من احتمالات فشله ، رغم تفاصيله الكثيرة ، وكمون الشياطين بالتفاصيل ، ارتباطا بأسباب عديدة ،لعل أبرزها تغير الظروف الإقليمية والدولية ، وخسارة حلفاء حماس الإقليميين ، بعد أزمة الخليج ومخرجات الربيع العربي وخاصة أفول نجم الإسلام السياسي وحماس جزء منه وابرز عنوان له فلسطينيا ، بالإضافة لأوضاع سكان قطاع غزة المعروفة، تحت سلطة حماس منذ عشر سنوات، والتي تشكل معالجتها ابرز التحديات التي تواجه الاتفاق، اذ ان جوهر المصالحات بين حماس والسلطة ،كان مرتبطا بمدى استجابة حماس لتقديم تنازلات ، وهو ما تم فعلا. الاتفاق عمليا يركز على تفاصيل انسحاب حماس من كونها سلطة انقلابية وقوة موازية للسلطة الشرعية ، لصالح السلطة المعترف بها دوليا بقيادة الرئيس عباس،وبما يعنيه ذلك من تسليم إدارة القطاع لسلطة عباس ، والمشاركة معه في إدارته امنيا وعلى الحدود والمعابر وقضايا الرواتب وادماج موظفي حماس بالسلطة ،باسم حكومة الوحدة الوطنية ،في الوقت الذي غابت فيه عن الاتفاق أية رؤى سياسية كثوابت لما يمكن ان يقبله الفلسطينيون وما يمكن ان يكون مقبولا او مرفوضا، باستثناء ما طرح ردا على مطالب إسرائيلية بالاعتراف بدولة إسرائيل ، ورفض طرح موضوع مستقبل سلاح المقاومة ، على الأقل في هذه المرحلة ،ويرجح أن سلاح حماس أكثر أهمية من قضية الاعتراف بإسرائيل ، كون الاعتراف بإسرائيل قضية تم انجازها ،خاصة في وثيقة حماس التي سبقت أزمة الخليج بأيام بتوافق تركي قطري. المأمول من كل المتضامنين مع الشعب الفلسطيني والمؤمنين بعدالة قضيته ان ينجح هذا الاتفاق ، لما لذلك من انعكاسات ايجابية على الشعب الفلسطيني وقضيته ،لكن أسئلة كثيرة ستكون مطروحة أمام حكومة الوحدة الوطنية الجديدة لعل أبرزها ، ماذا بعد نجاح الاتفاق ،على صعيد عملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي ؟ خاصة وان الإطراف الدولية وتحديدا أمريكا والاتحاد الأوروبي التي تعتبر حماس حركة إرهابية تأخذ جانب الصمت والمراقبة عن بعد للاتفاق ،فيما تتركز أنظار إسرائيل على سلاح حماس ، وتربط موقفها من الاتفاق بنزع هذا السلاح. لا احد يعرف بالضبط إلى أين ستتجه الأمور بالنسبة للحل المستقبلي للقضية الفلسطينية ومستقبل الدولة الفلسطينية ،لكن التطورات الناشئة منذ اتفاق أوسلو تؤشر إلى إن إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات سيادة امرمشكوك فيه ،اذ ان كافة المبادرات الدولية التي طرحت بعد أوسلو كانت تتضمن التأكيد على حل الدولتين ،دون اتخاذ قرارات وإجراءات تؤكد صدقيه ذلك ، وكافة تلك المبادرات كانت تأخذ بعين الاعتبار مصالح ومطالب إسرائيل وخاصة الأمنية ، بالإضافة لمضامين الرؤية الأمريكية في ظل الإدارة الجديدة، التي تؤكد ملامحها على ان جوهر ما هو مطروح تحسين الأوضاع المعيشية للفلسطينيين بالتزامن مع رفع وتائر التنسيق الأمني، دون وضع نهاية ملموسة للاحتلال، فيما المطروح إسرائيليا، تنازلات من إدارة الاحتلال في مجالات الإدارة المدنية ،مقابل تطبيع مع دول عربية ،لم توقع معاهدات سلام مع إسرائيل كما هو حال مصر والأردن. مالآت القضية الفلسطينية ، وفقا لخلاصات مراكز بحوث ودراسات غربية تتراوح بين ثلاث سيناريوهات، الأول: بقاء الوضع الراهن مع إجراء “تحسينات ” ملحوظة تظهر سلطة الاحتلال بصورة الطرف الذي يقدم تنازلات كبرى ، يرفضها اليمين الإسرائيلي، وتحديدا في قضايا اقتصادية وأمنية ، والثاني: طروحات تتضمن صيغة وحدوية مع الأردن ( كونفدرالية او فدرالية) والثالث :صيغة وحدوية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية ، ولكل سيناريو ما يؤيد احتمالات وقوعه واحتمالات رفضه ، لكن يبقى السيناريوالاول هو الأكثر ترجيحا في المدى المنظور ،خاصة وان احتمالات انجاز اتفاق سلام حقيقي ، من المستبعد أن يتم انجازه في ظل الحكومة اليمينية الإسرائيلية ، وقناعات دولية كثيرة بأنه لابد من انجاز ملفات وأزمات عالمية ، أكثر أهمية من القضية الفلسطينية، بالإضافة للضعف العربي والإسلامي كأهم الإبعاد الإستراتيجية للقضية الفلسطينية.