بين أم عطا المقاومة.. وأم هارون اليهوديّة القدس عاصمتنا الأبديّة

 
 
 
سماهر الخطيب
تتفقّد منزلها بين الحينة والأخرى تستدين المال كي تدفع ما يطالبها به الاحتلال من ضرائب قد استوجبت على منزل «لا يساوي شيئاً» وتقف أمام الباب شامخةً رافضة لعرض السمسار الذي قدّمه لها لبيع هذا المنزل الصغير وتنعته بكلمات لا تحرّك به ضميره الغائب ليترنّح قائلاً «بيعيه اليوم أفضل من أن تخسريه غداً وتصبحين بلا منزل ولا مال»؛ تزداد إصرارً بالرفض.. وتهدي المفتاح لذاك الطالب الكهنوتي ليتذكّر بأن «له بيت في القدس» ولتردّ له شيئاً من معروفه لها..
 حدث ذلك مع أم عطا في أربعينيات القرن الماضي هذا ما عرضه عنها مسلسل درامي يحمل اسم «حارس القدس».
وفي المقلب الثاني وفي الحقبة ذاتها  تسرد «أم هارون»، قصتها كطبيبة يهودية واجهت تحديات كثيرة مع أسرتها والجالية اليهودية في دول الخليج، في دليل فاضح على تمهيد الإعلام «السعودي» للتطبيع مع «إسرائيل»..
وشتان ما بين أم عطا وأم هارون ليست حبكة درامية تتجلى وإنما قضية راسخة لا يمكن أن نغفل عنها.
فنحن من تربّى على أناشيد الشاعر السوري سليمان العيسى والذي رددنا كلماته إلى اليوم..
فلسطين داري ودرب انتصاري
تظل بلادي هوى في فؤادي
ولحناً أبياً على شفتيا
وجوه غريبة بأرضي السليبة
تبيع ثماري وتحتلّ داري
وأعرف دربي ويرجع شعبي
إلى بيت جدّي إلى دفء مهدي
فلسطين داري ودرب انتصاري
هذه الكلمات شكلت بدايات الوعي لدى كل طفل عن القضية الفلسطينية وحفرت في ذاكرة أجيال من الأطفال على امتداد المعمورة ليس من النهر إلى البحر فحسب، إنما من المحيط إلى الخليج فهذه الأرض لنا وفي تلافيف العقل قد حيكت بساتينها وقراها وحجارها وشطآنها.
 هي بلادنا وأرضنا لا تطبيع إعلامي يمكن أن يمحو الحقيقة ولا تطبيل وتزمير «عربي» خانع كخنوع بعض حكام العرب الذين باتوا دمية بأيدي ذاك الصهيوني الغاشم بلا حياء يطبلون له ويزمرون..
وكما يُقال في المثل الشعبي «فوق الموتة عصّة قبر» فبينما تعاني أرضنا المحتلة ما تعانيه من تدنيس المحتل وتعذيب لشعبنا وحاصرته والبحث عن شتى السبل لإخضاعه والعالم أجمع أصم أبكم فهو لا يفقه ومنشغل بأزمة الفيروس المستجد القاتل لجنسنا البشري يعاني شعبنا في فلسطين من فيروس من نوع أخطر وأعتى وأشرس، فيروس صهيوني استشرى بأرضنا وشعبنا يجتمع القادة العرب في جامعتهم ليدينوا ضمّ الضفة الغربية لدولة الاحتلال «إدانة» فقط هذا ما استحصلنا عليه من «سموّهِم المعظم» يمنّون علينا بها.
وفي كل مرة يجتمعون فيها منذ تاسيس جماعتهم المفرقة، ومن قبلها منذ عهد «الشريف حسين» ومراسلاته مع مكماهون إلى اليوم وفي كل كلمة يتفوّهون بها نخسر المزيد من أرضنا المقدسة ودولة الاحتلال لا تترك فرصة إلا وتبخ في كل إناء سُمّها.
وها هي اليوم تستغل انشغال العالم أجمع بمواجهة الفيروس كوفيد– 19 لتسعى بخبث نحو نسج مكائدها..
فجاء إعلان ضمّ الضفة الغربية تزامناً مع ظهور هذا الفيروس المستجد دونما مغيث لشعبنا الفلسطيني سوى مَن كان ضميره حاضراً مقاوماً بالقول والفعل، بالكلمة والسلاح.
وإذا عدنا للوراء في الأشهر القليلة المنصرمة فإننا سنجد الكثير من الانحياز الغربي للكيان الصهيوني على أرضنا، بل نجد أن ستار وغطاء السياسة الغربية والأميركية تجاه دولة الاحتلال قد تكشّف وظهر ما كانت تكنّه من نيات في طياتها العنصرية والاستعمارية.
منذ نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس وإعلانها عاصمة لدولة الاحتلال مروراً بانسحاب أميركا من مجلس حقوق الإنسان لكونه بحسب زعمها يظلم حقوق الشعب الصهيوني، وصولاً إلى التصديق على قانون يهودية دولة «إسرائيل» وصولاً إلى الإعلان المزعوم بضم الجولان السوري المحتل   كل ذلك يصب في مصلحة الكيان الصهيوني وراعيته أميركا، فما جاء به ذاك المدير الترامبي وصهره من نداءات لـ»صفقة القرن» قد بدأ يحيك فصولها بدقة متناهية منذ تسلمه دفة القيادة من دون أن يرفّ لهما جفن.