الذكرى الـ19 لاستشهاد أبو علي مصطفى

 
 
 
توافق اليوم، 27 أغسطس، ذكرى اغتيال الأمين العام للجبهة الشعبيّة أبو علي مصطفى، الذي استشهد بعد استهدافه من قبل طائرات الاحتلال الصهيوني، التي أغارت على مكتبه في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، ليكون أول قياديّ يقتل اغتيالاً بصواريخ الاحتلال إبان انتفاضة الأقصى.الإسم الكامل : مصطفى علي العلي الِزبري مكان الولادة وتاريخها : عرابة ،قضاء جنين ، فلسطين ، عام 1938 ففي السابع والعشرين من شهر أغسطس 2001، قصفت طائرات الاحتلال مكتب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في رام الله واغتالت أبو علي مصطفى، الذي كرّس جل حياته في النضال لأجل الوطن والقضية، ولإحقاق الحق والعدالة والكرامة. عند رأس الثلث الجنوبي لسهل مرج ابن عامر، ترتاح قرية وادعة، متصالحة مع الخضرة والحياة، اسمها عرابة جنين، شقيقة عرابة سهل البطوف الجليلية، وتطل " عرابة" مرج ابن عامر من تلتها على السهل، لتتفتح عليها عيون الفلاحين يملؤها الفرح، ويوشيها الندى الصباحي، يستدعي المناجل للحصاد. ويفتح في الحناجر شهية الأهازيج، تماماً كما تطل " عرابة" الجليل على سهل البطوف الجميل. وبينما كان الوطن مستباحاً من الانجليز، وشذاذ الآفاق من الصهاينة العنصريين، كان الفلاحون وقود الثورة وعمادها. وكان علي العلي الزبري فلاحاً، فقيراً يعتاش على ما تعطيه الأرض من قمح وزيت، ويعمل أوقاتاً في ميناء حيفا، هناك تعرف على الخلايا القسامية، وانضم إليها، هناك عرف طريف الحرية والخلاص، وحمل بندقيته ليصبح مقاتلاً. وفي خضم ثورة فلسطين الكبرى عام 1936، وبعد سنتين على اندلاعها، وفي العام 1938، ولد طفل اسمه مصطفى من صلب ثائر اسمه علي العلي الزبري، ومن رحم فلاحة باتت تعرف بالحاجة أنيسة. وفي كنف البساطة والانتماء الصادق للأرض والوطن، وقيم العدل والحرية تربى مصطفى وأخوته، تشرب حكايات الوالدين، لتشكل مركب ذاكرته الأساسي وتشكل قيمه وسلوكه. وما بلغ العاشرة من عمره حتى نكب الشعب الفلسطيني والوطن الفلسطيني بقيام الكيان الصهيوني وتشريد الشعب في أربعة جنبات الأرض. وبعد عامين على النكبة وفي العام 1950 انتقل أبو علي إلى الضفة الشرقية وسكن في عمان في بيت شقيقته، هناك درس وهناك عمل، في جبل الجوفة القريب من حي الأشرفية ومخيم الوحدات. وخلال إقامته في عمان انتسب إلى النادي القومي الشهير" النادي الثقافي العربي"، وهو نادي ضم شباب حركة القوميين العرب، لينتمي من خلاله في العام 1955 إلى الحركة، ويتعرف حينها على الحكيمين جورج حبش ووديع حداد. وساهم أبو علي بنشاط في نضال الحركة السياسي والتنظيمي والكفاحي، سواء بتوسيع منظماتها، أو الانخراط العملي في النشاط الميداني ضد محاولات فرض حلف بغداد على المشرق العربي والذي سقط بفعل كفاح القوى الوطنية والقومية آنذاك. ليعتقل اثر انقلاب القصر على حكومة سليمان النابلسي الوطنية، لفترة قصيرة عام 1958. ولم يرهب الاعتقال " أبوعلي" بل دفعه للاستمرار في دربه، ليعتقل مرة أخرى ويحكم بالسجن لمدة خمس سنوات حيث قضى محكوميته في سجن الجفر الصحراوي مع كثير من الوطنيين والقوميين والتقدميين الفلسطينيين والأردنيين، منهم الرفيق الشهيد وديع حداد، ليخرج من السجن متسلحاً بثقافة وخبرة نضالية أهلية لمواقع قيادية في الفرع الفلسطيني – الأردني لحركة القوميين العرب. ونال أبو علي نصيبه من الاحتلال كما الكل الفلسطيني، لكنه استطاع مواصلة عمله بالسر والعلن بمثابرته، وكان يعرف منذ عودته إلى أرض الوطن عام 1999 بعد رحلة اغتراب طويلة أمضاها ما بين الأردن وسوريا ولبنان، أنه في خطر لكنه قائد عنيد متمرس فضل الموت في حضن فلسطين التي أحبها وأحبته. ولعب أبو علي مصطفى دوراً هاماً خلال انتفاضة الأقصى وعرف بمواقفه الوطنية، وقد جمعته مع الفصائل والقوى الوطنية علاقات طيبة، وتفانى في عمله الجماهيري والسياسي لتحقيق أهداف وغايات شعبه. و"كان مقتنعاً قناعة تامة خلال مسيرته النضالية بأن الصراع مع الاحتلال صراع مصيري لا يمكن إزالته إلا إذا امتلكنا قوة وطاقة الفعل الوطني على مختلف الأصعدة والمرتكزات وانطلاقاً من كوننا أصحاب الحق ومن خلال القدرة على استقراء الاحتلال بموضوعية وتوجيه النقد للذات والمساءلة". وقد انتسب في سن السابعة عشرة إلى حركة القوميين العرب التي أسسها جورج حبش الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك في العام 1955. اعتقل بعد عامين (1957) وحوكم أمام محكمة عسكرية وقضى في سجن "الجفر" الصحراوي بالأردن خمس سنوات، ولدى خروجه من المعتقل تسلم قيادة منطقة الشمال في الضفة المحتلة وشارك في تأسيس "الوحدة الفدائية الأولى" التي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين، كما خضع للدورة العسكرية لتخريج الضباط الفدائيين في مدرسة "أنشاص" المصرية عام 1965. في أعقاب حرب حزيران عام 1967 قام وعدد من رفاقه في الحركة بالاتصال مع الدكتور جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح، وكان هو أحد المؤسسين لهذه المرحلة ومنذ الانطلاق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قاد الدوريات الأولى نحو الوطن عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وكان ملاحقاً من قوات الاحتلال واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس. وتولى مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما شارك في معركة الكرامة 1970 وحرب جرش-عجلون في عام 1971 . وغادر الأردن سراً إلى لبنان في أعقاب حرب يوليو 1971. وفي المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام.