كلمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 76

نص كلمة الرئيس عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 76 نيويورك 24 سبتمبر/ أيلول 2021 م
 
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السيد عبد الله شهيد، رئيس الجمعية العامة معالي السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة السيدات والسادة رؤساء وأعضاء الوفود ،،، في هذا العام يَكونُ قد مرَّ على النكبةِ الفلسطينية، 73 عاماً، حيثُ طُردَ أكثرُ من نصفِ الشعبِ الفلسطيني في حينهِ من أرضهِم، وتمَّ الاستيلاءُ على أملاكِهم وأنا وعائلتي ومثلُنا الكثير، لديْنا صكوكُ ملكيةٍ لهذهِ الأرضِ التي هي أيضاً موثقةٌ في سجلاتِ الأممِ المتحدة. وهذه هي الوثيقة التي لدينا، ولدى الملايين من الفلسطينيين الذين يحملونها إلى الآن، ويحملون مفاتيح بيوتهم حتى الآن. ورُغمَ ذلكَ لم نتمكنْ من استعادتِها، بسببِ القوانينِ الإسرائيليةِ التي تَرفضُ الاعترافَ بقراراتِ الشرعيةِ الدولية، التي تُؤكدُ على حقِ اللاجئِ الفلسطيني في العودةِ إلى وطنِه، واستردادِ أملاكهِ، وجبرِ الضرر، وفقاً للقراراتِ الدوليةِ وبخاصةٍ القرار 194. وعلى النقيضِ من ذلك، تَقومُ سلطةُ الاحتلالِ الإسرائيلي بسنِ القوانينِ وعقدِ المحاكماتِ لطردِ الفلسطينيينَ من حيِ الشيخِ جراح وسلوان في القدس، دونَ وجهِ حق، وهو ما يصفهُ القانونُ الدوليُ بالتطهيرِ العرقي، الأمرُ الذي نرفضُهُ وَيرفضُهُ المجتمعُ الدوليُ باعتبارهِ جريمةً وفقَ القانون الدولي وفي هذا العام أيضاً يكونُ قدْ مرَّ 54 عاماً على الاحتلالِ العسكري الإسرائيلي لباقي الأراضي الفلسطينيةِ في الضفةِ الغربية بما فيها القدسُ الشرقيةُ وقطاعِ غزةَ في العام 1967. ورُغمَ أننا عقْدنا اتفاقَ مبادئَ لصنعِ السلامِ وتبادُلِ الاعترافِ مع إسرائيل في العام 1993، المعروفَ باتفاقِ أوسلو، التزمْنا نحنُ بجميعِ بنودهِ حتى يومِنا هذا، كما وافقْنا على كلِ دعوةٍ جادةٍ أو مبادرةٍ للحلِ السياسي المبني على الشرعيةِ الدولية، بما في ذلكَ مبادرةُ السلامِ العربيةِ للعام 2002، وخارطةُ الطريقِ للعام 2003، إلا أن إسرائيلَ لم تلتزمْ بالاتفاقياتِ الموقعةِ وتهربتْ من الانخراطِ في جميعِ مبادراتِ السلام، وواصلتْ مشروعَها التوسعيَّ الاستعماري، وتدميرَ فُرصِ الحلِ السياسيِ على أساسِ حلِ الدولتين. ورداً على أولئكَ الذين يَزعمُونَ بأنَّه لا يوجدُ شريكٌ فلسطينيٌ للسلام، وأننا لا نضيعُ فرصةً إلا لكي نضيعَ فرصة، فإنني أتحدى أن يُثبتَ أحدٌ بأننا، ولو مرةً واحدةً، رفضنْا مبادرةً حقيقيةً وجادةً لتحقيقِ السلام، وإنني أقبلُ بشهادةِ العالمِ في ذلك. أيها السيدات والسادة، هل تعتقدُ سلطةُ الاحتلالِ الإسرائيلي أنَّها تستطيعُ الإفلاتَ من جريمةِ اقتلاعِ أكثرَ من نصفِ الشعب الفلسطيني من أرضهِ وارتكابِ العديدِ من المجازرِ التي ذَبحتْ وقَتلتْ خلالَها الآلافَ من الفلسطينيين في العام 1948، في بلد الشيخ، ودير ياسين، وأبو شوشة، والطنطورة، وعين الزيتون، وقبية وغيرها، والتي تلاها تدميرُ ومسحُ آثار أكثرَ من خمسمائةِ قريةٍ وبلدةٍ وتجمعٍ فلسطيني، وهل تعتَقدُ إسرائيلُ أنها تستطيعُ بكلِ بساطةٍ تجاهلَ الحقوقِ المشروعة، بما فيها السياسيةَ لملايينِ الفلسطينيين في الداخلِ والخارج، أصحابِ هذه الأرضِ وَفي القلبِ منها القدسُ، ومواصلةَ ممارساتِها لسرقةِ أرضهِم وخنقِ اقتصادهِم ومنعهِم حتى من التنفسِ بحرية؟ وهل تعتقدُ إسرائيل، أنها تستطيعُ إلى ما لا نهاية تسويقَ روايةٍ زائفةٍ تتجاهلُ حقَ الشعبِ الفلسطيني التاريخي والحاضرِ في وطنهِ؟ ما تقومُ به سلطةُ الاحتلالِ الإسرائيلي من جرائمَ وممارساتٍ عدوانيةٍ ضدَ أبناءِ شعبِنا وأرضِنا ومقدساتِنا، لنْ تُوقفَ نضالَ شعبِنا من أجلِ تَحقيقِ حريتهِ واستقلالهِ على أرضهِ، كما وأنَّ النظامَ الاستعماريَ الذي أنشأتهُ على أرضِنا مآلُهُ إلى زوالٍ طالَ الزمانُ أم قصر. لن نسمحَ لهم بالاستيلاءِ على حياتِنا وقتلِ أحلامِ وآمالِ وطموحاتِ شعبِنا في الحريةِ والاستقلال. أيها السيدات والسادة، إنَّ ما يُؤسَفُ لَهُ أنْ سياساتِ المجتمعِ الدوليِ وهيئاتِ الأممِ المتحدةِ تجاه حلِ القضيةِ الفلسطينيةِ قد فَشِلتْ جميعُها حتى الآن، لأنَّها لمْ تتمكنْ من محاسبةِ إسرائيل ومساءلتِها وفرضِ عقوباتٍ عليها بسببِ انتهاكاتِها للقانون الدولي، ما جعلَ إسرائيلَ، التي تدعي بأنّها دولةٌ ديمقراطية، تَتَصرفُ كدولةٍ فوقَ القانون. أيها السيدات والسادة، لا زالتْ هُناكَ بعضُ الدولِ التي لَمْ تقمْ بالإقرارِ بحقيقةِ أنَّ إسرائيلَ هيَ سلطةُ احتلالٍ وتمييزٍ عنصري وتطهيرٍ عرقي، وبعضُ هذه الدول تَتَفاخرُ بأنهّا تتشاركُ مع إسرائيل بذاتِ القيم، فَعنْ أيِةِ قيمٍ مشتركةٍ يتَحدثون؟ فَعنْ أيِةِ قيمٍ مشتركةٍ يتَحدثون؟ إنَّ هذا الأمرَ أوصلَ إسرائيلَ إلى حدِ الغرورِ والغطرسة، ورفْضِ جميعِ القراراتِ الأمميةِ وضربِهَا عرض الحائط. في مقابل ذلك فإنَّ هناكَ من يُطالبُ الشعبَ الفلسطينيَ ومؤسساتِه، التي تُؤمنُ بثقافةِ السلامِ وسيادةِ القانون، أن يُقدمَ التفسيراتِ والشروحاتِ، ويُثبتَ أنَّهُ لا يقومُ بالتحريضِ على الكراهيةِ أو تشجيعِ العنف. وعلى سبيلِ المثال، علينا أنْ نَشرحَ ونُبررَ ما يُكتبُ في مناهجِناَ المدرسية، رُغمَ أنها تشرحُ رِوايتَنا وهويتَنا الوطنية، بينما لا يُطالبُ أحدٌ بالاطلاعِ على المناهجِ والإعلامِ الإسرائيلي، ليرى العالمُ التحريضَ الحقيقيَ الذي تَقومُ بهِ المؤسساتُ المختلفةُ في إسرائيل؟ إننا نرفضُ مثلَ هذهِ المعاييرِ المزدوجة، إننا نرفضُ هذهِ المعاييرِ المزدوجة.