وزير الخارجية البريطاني يقر بان "وعد بلفور" حرم الشعب الفلسطيني من اقامة دولته المستقلة

https://youtu.be/GfEh9WnGEuU

وعد بلفور أو تصريح بلفور (بالإنجليزية: Balfour Declaration) هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. حين صدر الوعد كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني فلسطين. يطلق المناصرون للقضية الفلسطينية عبارة "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" لوصفهم الوعد وعـد بلفـور .. من هُنـا بدأت المأسـاة \ في الذكرى الثانية والتسعين لصدوره

نيوز فلسطين-غزة المحاصرة

ترجع البدايات الأولى لفكرة إنشاء وطن خاص باليهود، يجمع شتاتهم ويكون حارسًا على مصالح دول (أوروبا) الاستعمارية في الشرق إلى ما قبل الحملة الفرنسية على مصر، وتجلى ذلك بوضوح في خطاب "نابليون" الذي وجهه إلى يهود الشرق؛ ليكونوا عونًا له في هذه البلاد. وقد وجدت هذه الدعوة صدى لها لدى كثير من اليهود، فقد كتب المفكر اليهودي (موسى هس) يقول: إن "فرنسا" لا تتمنى أكثر من أن ترى الطريق إلى "الهند" و"الصين" وقد سكنها شعب على أهبة الاستعداد لأن يتبعها حتى الموت.. فهل هناك أصلح من الشعب اليهودي لهذا الغرض؟!

ومع نهايات القرن التاسع عشر انتقلت فكرة الصهيونية التي تزعمها "تيودور هرتزل" مؤسس الحركة الصهيونية - من مرحلة التنظير إلى حيّز التنفيذ، وذلك بعد المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في بازل عام (1314هـ : 1897م)، وتجلى ذلك بوضوح في سعي الصهيونيين الدائب للحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي يهودي.

"هرتزل" يحاول رشوة سلطان المسلمين

كان التفكير يتجه في البداية إلى منح اليهود وطنًا في شمال أفريقيا، ثم تلا ذلك تحديد منطقة العريش، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، فاتجه تفكير اليهود إلى "فلسطين"، وسعوا للحصول على وعد من "تركيا" - صاحبة السيادة على "فلسطين" - لإنشاء وطن لليهود فيها، وسعى "هرتزل" إلى مقابلة السلطان "عبد الحميد"، وحاول رشوته بمبلغ عشرين مليون ليرة تركية، مقابل الحصول على

فلسطين، ولكن السلطان رفض وقال: "لا أقدر أن أبيع ولو قدمًا واحدة من البلاد؛ لأنها ليست لي، بل لشعبي، لقد حصل شعبي على هذه الإمبراطورية بإراقة دمائهم، وفضلوا أن يموتوا في ساحة القتال، إن الإمبراطورية ليست لي، بل للشعب التركي، ولا أستطيع أن أعطي أحدًا أي جزء منها، ليحتفظ اليهود ببلايينهم، فإذا قسمت الإمبراطورية فقد يحصل اليهود على فلسطين بدون مقابل، إنما لن تقسم إلا جثثنا، ولن أقبل بتشريحنا لأي غرض كان".

الطريق إلى وعد بلفور

ولكن ذلك لم يثنِ "هرتزل" عن المضي في العمل على تحقيق مشروعه، وبدأ اليهود ينشرون فكرتهم على نطاق واسع في أوروبا، ووجدت الفكرة صدى وتجاوبًا لها في الغرب لدى عدد من الساسة والزعماء، وكان "آرثر بلفور" - وزير الخارجية البريطاني - من أكثر المتحمسين لها، فقد كان معروفًا بتأثره بالفكر الصهيوني، وتعاطفه الشديد مع الصهيونيين.

ونشط الصهيونيون في التقرب من البريطانيين، وانبروا يؤكدون لهم قدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا والحفاظ على مصالحها، وهكذا بدأ البريطانيون يضعون الخطوط الرئيسية لفكرة الوطن اليهودي، وتركزت في البداية على مفهوم إيجاد ملجأ للمضطهدين من اليهود المهاجرين، ولكن الجانب الصهيوني عارض هذا الاتجاه، واستقر الطرفان - في النهاية - على مشروع الوطن القومي.

معارضون من الداخل

وقد قوبلت الفكرة بمعارضة شديدة من بين اليهود أنفسهم، خاصة اليهود الليبراليين الذين استطاعوا أن يندمجوا في المجتمعات التي عاشوا فيها، ورأوا في هذه الفكرة دليلاً قد يتخذه أعداء السامية على غربة اليهودي، وعدم قدرته على الاندماج في المجتمع الذي يعيش فيه، وعدم انتمائه إلى موطن إقامته. ولكن بعد نقاش طويل - داخل "مجلس ممثلي اليهود البريطانيين" - رجحت كفة مؤيدي الفكرة، وكان "حاييم وايزمان" و"ناحوم سوكولوف"، من أكثر الصهيونيين حماسًا لهذه الفكرة وتأييدًا لها.

وأظهر "وايزمان" بداعة سياسية ونشاطًا دؤوبًا في إقناع ساسة الحلفاء بوجهة نظر الصهيونيين؛ لدفع (بريطانيا) إلى وضع فكرة الوعود في حيّز التنفيذ.

وعد بلفور الوقع والصدى

وبتكليف من الحلفاء أقدمت "بريطانيا" على تلك الخطوة الخطيرة، فأصدرت وعد بلفور، ونشرته الصحف البريطانية صباح (23 من المحرم 1336هـ : 8 من نوفمبر 1917م) وكان نصه:

وزارة الخارجية

2 من نوفمبر 1917م

عزيزي اللورد "روتشلد"

يسرني جدًّا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرّته:

"إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهومًا بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى.

وسأكون ممتنًا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علمًا بهذا التصريح.

المخلص آرثر بلفور