مهمة الإمارات لإنعاش المستعمرات الصهيونية

نزار السهلي أينما يبحث المرء في عالم الأنظمة العربية عما يجمعها، لا يجد إلا سياسة التآمر والتصفية التي اتحدت فيها على محاربة كل ما يشير لمفردات الحرية والكرامة الإنسانية، عبر تكريس الذل للنيل من القضايا الكبيرة التي اعتز بها العربي والمسلم على مر العصور. تبسيط هذا الكلام ووضع نقاطه على حروف عربية وعبرية تأتي من المشرق العربي، من دولةٍ وظيفتها الأساسية إدارة مستعمرات "عمل" داخلي بعقلية تجارة الرق والعبيد، وإنعاش مستعمرات صهيونية في محاولة جديدة ومهمة جديدة لـتركيع الفلسطينيين وفرض الوجود الصهيوني الجغرافي والسياسي والاقتصادي على عالم العرب، بأموال إدارة المستعمرات البشرية في إمارات العرب. ومنها يعلن رئيس مجلس المستعمرات الصهيوني "يوسي دغان" التوصل لاتفاقات ضخمة وهائلة للشركات الإسرائيلية العاملة في المستوطنات مع الجانب الإماراتي، في إطار تمويل المشاريع المصنفة وفق القانون الدولي بالمخالفة وغير الشرعية لإقامتها على أراضٍ مغتصبة. بات للفلسطيني في ذروة تهديد حقوقه مواجهة سياسة عربية رسمية من أبو ظبي إلى الرياض والبحرين والقاهرة والخرطوم، بلغة غير دبلوماسية؛ لأن المواجهة تستهدف بكل وضاعة السياسة وحقارة المصالح ونذالة الدور مواجهة صريحة باختيار الخندق الصهيوني، مقابل خندق الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني. لا شيء يغري نظام المستعمرات العربية المتحدة بالتصهين أكثر من التطلع للحصول على دور جديد في تمويل الاستعمار الصهيوني، ودعم أمنه، ومساعدته على فرض القهر والقتل والقوة على شعب محاصر من أبارتايد صهيوني كان قدوة سرية لأنظمة المستعمرات العربية المتفاخرة اليوم بقدرتها على ضخ المليارات لإنقاذ المستعمرين، بعدما أفلحت مستعمرات التآمر العربي في سنوات الثورات المضادة في إسناد طغاة دورهم غير بعيد عما تقاسمته الوظيفة فيما بينهم. وهذا يعيدنا لمعظم المواقف العربية التي تكررت منذ النكبة إلى اليوم حول "خطورة الموقف" الذي يكبر معنا كل عام مع أهواله، ومراجعة أطنان الأكاذيب التي تُضخ من ماكينة إعلام المستعمرات والطغاة عن الدعم الذي قُدم للفلسطينيين ولدعم صمودهم، وما إلى ذلك من شعارات تستر ورقة الهزيمة والعار الذي كشفته سنوات الثورات العربية. كل ما قُدم للشعب الفلسطيني لا يساوي ما شفطه ترامب وكوشنير وإيفانكا في لحظة، ولا يوازيه اتفاق مع المستعمرات الصهيونية ولا في اندفاعة زعماء المستعمرات العربية للانبطاح أمام الصهيوني. كل هذا التمنين للفلسطيني والمزايدة على التاريخ هو لتبرير التصهين والتآمر المكشوف. أينما تواجد اللاجئون من أبناء فلسطين كانت عقولهم وسواعدهم تدل على نجاحهم وعلى انتمائهم لقضيتهم وعروبتهم وحضارتهم، ولو أتيح لهم هذا التهافت العربي أمام الصهيوني معكوساً على الفلسطيني لكانت الحال غير حال، لا يرضى عنها لا وزير المستعمرات العربي ولا الصهيوني. من صمد فوق أرضه ويحرس مقدساته وتاريخه وقضيته، يَصدُ اليوم هجمة وكلاء المستعمرين الصهاينة. يحاول سماسرة المستعمرات العربية، شراء ذمم ومواقف المقدسيين واستغلال حصار الإسرائيليين لهم لشراء أملاكهم لصالح المستوطنين، هذا هو الدور الجديد لوكلاء المستعمرات الصهيونية في فروعهم بإمارات المستعمرات البشرية. لا شيء في جعبة حاكم المستعمرات إلا المال، هكذا يَنظر إليهم الأمريكي والإسرائيلي، ولا يجد حارس المستعمرة العربي سوى أحقاده التي يشارك بها بدونية أمام الأمريكي والصهيوني للانتقام من الذات لتفريغ أحقاده. ذهب قادة المستعمرات الصهيونية إلى أبو ظبي ودبي، حاملين كلاماً وعادوا منها محملين بمليارات المشاريع من دون مقابل وخضوع بغير شروط، وازدهار لاحتلال دائم ومستوطنات تنبت فيها ما يسد جوع المستوطنات البشرية في أبو ظبي؛ المعجبِ حاكمها محمد بن زايد بازدهارها فوق أرض مغتصبة. أخيرا، إذا كانت الرسائل تقرأ من عناوينها، فرسالة زعيم مجلس المستوطنات الصهيوني في الضفة الفلسطينية من أبو ظبي ليست بحاجة لعنوان حتى تُقرأ. مهمة الإمارات اليوم إنعاش المستعمرات ومحاربة كل تطلع عربي للمستقبل غير المتصهين، ودعم طغاة يقومون بحماية المستعمرات الصهيونية. وإذا أمعنا البحث عن وظيفة وفائدة التصهين الإماراتي، فهل سنجد له وظيفة غير هذه، ومردودا غير الذي يحتفي به قادة المستعمرات الصهيونية؟ وإذا أحسنا النوايا، فهي فقط لتوظيف المال لإنعاش الطغاة والمحتلين، أما الأسماء المستعارة التي يحملها "الزعيم العربي" فقد انهارت في الميادين والشوارع والساحات، ويوم أعاد لهم نتنياهو وترامب وبوتين أسماءهم ووظائفهم الحقيقية.