للمرةِ الأولى.. قطاع واسعٌ من الرأي العام الأمريكي مع «القضية الفلسطينية»

امين سر النادي الفلسطيني الامريكي بيل مكسويل عضو مركز دالاس للسلام والعدالة عام 1993 قال المفكر الفلسطيني الأمريكي إدوارد سعيد: «يعلم الجميع أن من الصعب جدًا محاولة قول انتقادٍ للسياسة الأمريكية أو إسرائيل في وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى، على عكسِ سهولة قول أشياء معادية للعرب كناسٍ وثقافة، وللإسلام كدين»، إذ كان الرأي العام الأمريكي خاصةً، والغربي عامةً، لا يتقبّل ولا يفسح المجال لأي نقد مباشر للانتهاكات التي يرتكبها العدوان الإسرائيلي في حق الفلسطينيين، وكانت الشاشات الأمريكية آنذاك قلّما تسمحُ لناقدٍ لإسرائيل بالظهور عليها. يأتي ذلك على خلاف ما نراه حاليًا من مظاهراتٍ حاشدة في الولايات المتحدة الأمريكية مناهضة للعدوان الإسرائيلي، وتنادي صراحةً بعدمِ تكافؤ المواجهة بين الفلسطينيين وآلة الحرب الإسرائيلية الضخمة وضحاياها الكثر من المدنيين في غزة، فما الذي تغير في الأعوام الماضية وأدى إلى هذا التحول؟ تشير التحليلات السياسية الأخيرة للشارع الأمريكي إلى أن الإجابة تكمن في صعود حركة «حياة السود مهمة – Black Lives Matter» ومظاهرات العام الفائت احتجاجًا على قتل الشرطة لجورج فلويد. للمرةِ الأولى.. قطاع واسعٌ من الرأي العام الأمريكي مع «القضية الفلسطينية» مع تصاعد العدوان الإسرائيلي في القدس وغزة في الأيام الماضي، وتحديدًا مع محاولات التهجير القسري لسكان حي الشيخ الجراح، صدرَ عن مجموعة من أعضاء الكونجرس، والمعروفين بالديمقراطيين التقدميين، تصريحات تندّد بجيش الاحتلال الإسرائيلي، وبمحاولات التطهير العرقي في القدس. وكانت تصريحاتهم بمثابة تغير جذري في النقاش الأمريكي عن «القضية الفلسطينية»، ومختلفة عن اللغة التي استخدمها السياسيون الأمريكيون عادةً حول القضية الفلسطينية، فما الذي تغير حقًا؟ أشار النشطاء الفلسطينيون ممن يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن جزءًا كبيرًا من هذا التحول يعود إلى «وسائل التواصل الاجتماعي»، والتي جعلت الجيل الأصغر سنًا على دراية أكبر بالانتهاكات التي تحدث، مع صعوبة التستر عليها أو إخفائها، في وقتٍ تدعم فيه الولايات المتحدة حكومةَ بنيامين نتنياهو المتطرّفة بـ3 مليارات و800 مليون دولار سنويًا، يدفعها الأمريكيّون من ضرائبهم. هذا التغير في النقاش الأمريكي يعكسُ تغيّرًا في وجه الكونجرس الأمريكي أيضًا، إذ يوجد اليوم في المجلس نوّاب تقدميّون، مثلَ رشيدة طليب، وإلهان عمر، وألكساندريا أوكاسيو كورتيز، والسيناتور الأمريكي الشهير بيرني ساندرز. ومعظمهم ناقدون لإسرائيل وسياسات الاستيطان، وأكثر جرأة وشجاعة في كسر وتجاوز الخطوط الحمراء والتقليدية في السياسة الأمريكية، وهم أقلُّ عرضةً للضغط من اللوبي الإسرائيلي نظرًا لأن معظم أبناء هذا التيار يأخذون تمويلهم السياسيّ من مصدر شعبي مفتوح، ولا يأخذون أية أموال من اللوبيات. ولعلّ رشيدة طليب هي أبرزُ وجه من هذه المجموعة في نقاش الشأن الفلسطينيّ، عضوة الكونجرس الأمريكية من أصول فلسطينية، التي خطابت عبر «تويتر» أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكية، قائلة له: «متى تدين حكومة الولايات المتحدة الأمريكية العنف العنصري ضد الفلسطينيين؟ وهل من سياساتكم دعم المستوطنين لسرقة منازل الفلسطينيين وحرق أرضهم؟». وعادت للواجهة من جديد دعوات لفرض عقوبات على إسرائيل وحظر بيع الأسلحة عليها، ولكن تظلُّ هذه الخطوة صعبة في الوقت الحالي، ولكن رمزيتها مهمة. وخرجت الاحتجاجات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي في شيكاغو، ونيويورك، وواشنطن العاصمة. أدّى القصف الإسرائيلي الأخير إلى ارتفاع عدد القتلى المدنيين، واستهدف العدوان تدمير البنية التحتية والمنازل، بما في ذلك المقرات التي تستخدمها وسائل الإعلام الدولية مثل قناة الجزيرة ووكالة «أسوشيتد برس»؛ ما فتحَ الباب مثلًا للسيناتور بيرني ساندرز لينشر مقال رأي تم تداوله على نطاقٍ واسع، يسلط الضوء على الواقع الفعلي لحياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحصار في غزة. كتب السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز: «يجب أن نعترف بأن حقوق الفلسطينيين مهمة، وأن حياة الفلسطينيين مهمة» على الجانب الآخر، تعرّض بعض داعمي إسرائيل من المسؤولين الأمريكيين لانتقادات واسعة، من أبرزهم آندرو يانج، رجل الأعمال الأمريكي، ومرشح ديمقراطي سابق للرئاسة عام 2020، إذ كتب تدوينة تدعم الاحتلال الإسرائيلي، وبعد تعرضه لنقد كبير على منصات التواصل الاجتماعي وإيقافه على يد محتجّين ضده في نيويورك، نشرَ تغريدةً يقول فيها بضرورة الحفاظ على حياة الفلسطينيين، وهذه المعركة الصغيرة اعتبرها النشطاء الفلسطينيون علامةً فارقة على التغير الذي يشهده الرأي العام الأمريكي الحالي.